تأملات في النزاع العربي الصهيوني[ ١ ]
ليسقط القلب الذي لا يوظف العقل لتحويل بكائياته إلى
فعل مقاومة ايجابي
لتحترق اقلامنا، إذا كانت ستكتفي بغنوة «أوف، امام الجسد الفلسطيني النازف كجسد المسيح مهما كان
الصوت جميلا والغناء رخيماً.
الإعلام العربي في الغرب لا يزال أسوا محامٍ لأعدل قضية
لا يفيدنا كثيرا أن تشتري الاموال العربية برج ايفل والامباير ستيت والموناليزا ونوادي الكره
اشتروا لنا قناة في تلفزيون غربي.. القناة نفسها التي
تبث منها اسرائيل دعاياتها
ايتها الأموال العربية كم من الجرائم ترتكب بإسمك ؟
ايتها الأموال العربية كفّري عن خطاياك..
ايتها الأموال
العربية حوّلي معزوفاتنا المنفردة إلى فرقة سيمفونية تروي للعالم حقيقة ما يدور، وتكسر طوق التعليم الإعلامي الذي تتقنه اسرائيل فقد تعبنا من مواقفنا الخنسائية، من قضايا الوطنية
وتعبت منا فلسطين
تعبنا من الولاء العشائري الذي يطغى على الولاء الفكري
أليس من المفروض أن يكون ولاء العاقل هو للحقيقة وللعدالة..
لكل ما هو إنساني في هذه الحياة..
هل الشخصية الاسرائيلية تشبهنا في هذا النوع من الولاء ؟ الفرق بيننا
وبينهم أننا عشائر مختلفة، وأنهم يعتبرون أنفسهم عشيرة واحدة
اما وجه التشابه فهوأن الشخصية اليهودية لا تزال بدائيةالولاء والانتماءات حتى لدى مفكريها وفنانيها، فمجيء فنانين من أصل يهودي إلى اسرائيل للرقص في وليمةبعد العدوان هو إدانة إضافية للشعب هناك وإثبات أن العشائرية
لا العقل تتحكم في سلوك حتى فنانيه ومبدعيه.. مبدعون؟ عفواً للكلمة فالإبداع سلوكية كونية إنسانيةراقية
فإذا كانت هذه حال مبدعيها، فعلى أي درجة من التخلف العشائري نجد بقية أفرادها ؟! إن تيه بني اسرائيل الذين
يضربون في الأرض ينبع من داخلهم من حسهم الموهوم بالتفوق إلى حد ولائهم لشهواتهم، بدلاً من ولائهم للإنسانيةوالعدالة
ولن يكون هناك سلام لا لهم ولا لنا قبل أن يطوّروا حسّهم
الإنساني بقدر ما طوروا حسهم التجاري..
في حزيران اعتنقنا الحزن
في : تشرين اعتنقنا الفرح فمتى نعتنق الحقيقة ؟!
حقيقة ماترمي إليه حرب غزه..
أرسطو قال الجاهل يؤكد العالم يشك والعاقل يتروى متی نتروى في الحزن والفرح؟
المدهش أن يكون لإسرائيل عيد واحد يدعى عيد الغفران فحينما ينزلق في عيوننا شريط إنتهاكات اسرائيل للشرائع الإنسانية والأخلاقية وعندما تأتي الغاشية الواقعه ستعرض يومها مااقترفته أيديها وستشعر أنه كان عليها تكريس كل أعوامها بعد مااقترفته من جرائم، للصلاة من أجل الغفران.
حين يقول حاخامات اسرائيل أن الهجوم العربي الصاعق في 1 تشرين لم يراع التقاليد الأخلاقية تجهش ضحكاً، لأنك بحاجة الى الإنفجار في الضحك والغضب معاً تماماً كما تشعر أمام غانية تحاضر عن الفضيلة في جمعية الدفاع عن مكارم الأخلاق
كان يوم ٦ تشرين عيد الغفران الإسرائيلي، فصار يوم ٧ تشرين
عيد الغفران العربي انه عيد غفراننا لأنفسنا خطيئة ما بعد ، حزيران وعيد غفران التاريخ لنا.
لقد سقطنا بعد هزيمة حزيران في هوة الحزن واليأس والعار وحملنا الهزيمة مثل حجر القبر فوق صدورنا.. رزحنا تحت وطأة الشعور بالذنب وكما يقول الدكتور يوسف ادريس في البداية كنت مثل أغلب زملائي شديد القهر للنفس والتبكيت والمعاتبة والإحساس انني أحد أسباب الهزيمة، ثم بدأت اكتشف أن الهزيمة الحقيقية هي أن نقف هذا الموقف المكسور. لا شيء أكثر مهانة من الصفعة التي لاترد والجرح الذي تتستر الضحية عليه أكثر من تستر القاتل، والعار الذي
تسدل الأمة عليه ستائر النسيان.
انتابتنا حالة من الحذر، حالة من التسمم بالسلم المفروض علينا بالقوة من قبل إسرائيل وأميركا تسمم بطيئ ولكن مستمر مثل تسمم الأسر الفقيرة بوعاء الجمر الذي لم يشتعل جيدا، فأطلق غازاته القاتلة ومات أهل الدار وهم نيام من دون أن يدروا ماذا حل بهم؟
لقد ألفنا الهزيمة الذاكرة الوطنية تخدرت اليوم وألِفت المهانة وصرنا نستمع إلى الحوار عن التطبع والصلح ونقرأ عنه بلا مبالاة كأننا نقرأ نشرة جوية عن حالة الطقس.
لقد صدقنا الأكذوبة الصهيونية حول السوبرمان الاسرائيلي والتي تنص بنودها على أن الإسرائيلي يُجرح، لكنه لا يُقتل وأن حرب الإبادة التي يشنونها ضد الفلسطينيين لن تكبدهم من القتلى أكثر من قتلى الـ «ويك إند بحوادث
السير خلال سنه.
(يتبع)
_____________
_تأملات في النزاع العربي - الصهيوني [ ٢ ]
ليس بين شعوب الأرض كلها على طول تاريخها، من دخل حرباً وهو على هذه الدرجة من الغرور مثل اليهود حتى أن غسل الدماغ الجماعي جعلهم يتوهمون أنهم أفراد يستعصون على القتل..
الغريب أنه حتى الإغريق في أساطيرهم الحربية منذ ٣ آلاف عام التي كان يشترك فيها جوبيتر وغيره
من أرباب الأولمب كانوا يسمحون لأولادهم الهابطين من جبال الأولمب أن
يُقتلوا في الحرب بأيدي أعدائهم..
الواقع أن البطل اليهودي في قصص التوراة يتمتع دائما بالقوة الخارقة
والبطولة التي لم تنتكس لحظة واحدة، وحيث انه متميزومتفوق فإن ذلك يمنحه عذراً لقتل بقية البشر أو إبادتهم أو على الأقل ممارسة الخداع
المالي معهم ثم أن هذا الحس الموهوم بالفطرة كان دوماً من جهة أخرى (سلاح الإنعزال اليهودي والمتراس الذي من ورائه رفض معظم اليهود مبدأ الاندماج بالشعوب الأخرى)..
إن ظاهرة جنون العظمة أي (البارانويا) قد تصاعدت إلى ما يلفت النظر في الكتابات والنظريات اليهودية منذ نصرهم في
٥ حزيران ٦٧..
من هنا كانت الحرب السريعة الخاطفة هي المفضلةلإسرائيل لا لأسباب اقتصادية
وعسكرية فحسب بل لأسباب نفسية وسيكولوجية تتعلق بطبيعة الشعب الإسرائيلي والوهم الكبير الذي يعيش فيه. ومن هنا كانت الحرب طويلة الأمد للعرب محتومة
وضرورية وبمنزلة العلاج الوحيد لبقية الأسرة الصهيونية من جنون العظمة ووهم الخلود والظن بأن أولاد إسرائيل من نسل (أكيليس) (اخيلوس) البطل الإغريقي الأسطوري الذي غمسته أمه يوم ولد في دنّ خمره كي تمنحه الخلود ولكن كعبه الذي أمسكته به وهي
تغطسه في الدن لم تمسه الخمره المقدسه لذا كان مستعصياً على القتل إلا إذا أصابه سهم في كعبه ..حتى أكيليس هذا سمحت الأساطير بأن يقتل ذات يوم .فهل تُعلّم الحرب الشعبَ الإسرائيلي بأن كل من يَقتل يُقتل هو أيضاً حتى لو كان بطلاً توراتياً؟
وهل تجعلهم الويلات.. ويلات الحرب المحتومة يعون إنسانيتهم المنسية ويتفهمون أن ما حدث في عام ١٩٦٧ مع العرب كان مصادفة لا قاعدة وأنه كان تقاعساً عربياً أكثر منه عبقرية إسرائيلية وأن من يحارب يجب أن يتفهم سلفاً إمكانية سقوط عدد كبير من الأحياء قتلى؟
ندابات إسرائيل لم يبكين أبناءهن في أكتوبر ١٩٧٣، والآن ومنذ ٧ أكتوبر حتى الآن، وإنما بَكيْن البطل التلمودي الذي لايقهر ولكنه قد قُهر ..بَكَيْن الحلم لا الرجل ..
بكين الوهم لا الأسطورة وركعن أمام قبرالتعويذة لا قبر الولد فحسب..
ويبقى من ناحية أخرى، أن علينا نحن العرب لكي نقابل هذه المبادئ العنصرية التي تعتمد على العبرية في رسم سياستها، أن نتسلح حكومة
وشعبا، بشيء اسمه الوعي القومي والوعي الإسلامي وأن تكون هناك ثقة متبادلة بين الطرفين الحاكم والمحكوم..
يذكرني ذلك بخبر تناقلته وكالات الأنباء العالمية لطرافته المذاع من راديو براغ القومية نص بيان وقعه مجرمو تشيكوسلوفاكيا والخارجون على القانون فيها
من قطاع طرق ومزورين وأشقياء، وأعلنوا فيه الكف تماما عن ممارسة نشاطهم والإقلاع عن انتهاك حرمة أي قانون ريثما تعود الحياة الطبيعية إلى البلاد وتتجاوز أمتهم الأزمة التي تهدد كيانها وأن نقابتهم اتخذت هذا القرار مؤازرة منها للسلطات كي تتيح لقوى الأمن فرصة التفرغ لمواجهة الأزمه السياسيه التي تمر بها بلادهم في مرحلة انتقالهم من الديكتاتوريه (الإشتراكيه) إلى الديموقراطيه الشعبيه.. هذا البيان الذي تذوقت الصحافه الأجنبية حلو طرافته وتسابقت على نشره لايتذوق العربي منه سوى مرارته.
بيانهم يذكرنا بأننا نعيش في عصر بلغ فيه الرقي الإنساني ببعض الشعوب حد وعي المجرمين لمسئولياتهم القوميه، ذلك الوعي الذي يبدل
الخارجين عن القانون والسلطه إلى ملتزمين بالقانون والسلطه حين تمر بلادهم بأحداث خطيره..
الخبر يفتح أكثر من جرح عربي في أكثر من قطر. السلطات بحق شعوبها.
إنه يذكرنا بنوع آخر من الإجرام نجده في أكثر من قطر عربي، وهو إجرام السلطات بحق شعوبها..
لدينا مأساة مئات الآلاف من الخارجين على القانون في البلاد العربية من دون أن يكونوا بالضرورة من المجرمين بل هم غالباً من المحتجين على إجرام السلطات بحقهم. إنهم ليسوا فئة الخارجين على القانون وإنما فئة الخارجين على خروج السلطات على الدستور والقانون وعلى المسؤولية الدينية والقومية الملقاة على عاتقها وقصورها
عن تحقيق أماني شعوبها القوميه وتشليحها لهم، وبالتالي حرمانهم انسانيتهم وكرامتهم وحتى لقمتهم..
وبعد فإن هذا
البيان الطريف لندرته يلخص بعفوية متناهية الشيءالأساسي الذي تفتقر إليه العلاقه بين المواطن العربي وبعض سلطاته الحاكمه والمسئوله ..ألا وهو كما فسرت (الوعي والثقه)
اللبان هما وجهان لحقيقه واحده ..
حقيقه واحده اسمها النصر ..
فعلام كانت الدهشة حين هزمنا؟!..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق