الجمعة، 16 فبراير 2018

من يبيع ذاكرة جديدة لمواطنة من العالم الثالث؟ غادة السمان


كان علي أن أنفجر ضحكا كالمتفرج الغربي أمام الأفلام والبرامج التلفزيونية التي نرى فيها كبار النجوم يتلقون ضربات من قوالب الحلوى (الجاتوه) المغطاة (بالكريما) البيضاء..
وتتلطخ وجوههم بقشدة الحلوى.. ويردون الضربة بتلطيخ وجه (الضاربة/الضارب) بقالب حلوى آخر فآخر، وهكذا، تتسخ الثياب والوجوه وأرض الاستديو بالطعام الشهي.. ويضحك الغربي المرفه أمام المشهد. ولكن هذه المشاهد لا تضحكني، بل تسبب لي غصة حزن.

أطفال يحلمون بالرغيف ويجهلون الحلوى

على الرغم من أنني قضيت معظم حياتي في الغرب المرفه، بين لندن وجنيف ونيويورك وروما وباريس، إلا أنني مازلت أرى العالم بعين بنت عربية من العالم الثالث، سورية لبنانية فلسطينية عراقية يمنية ليبية إلى آخر قائمة الأحزان القومية الماضية والآتية.. وأتذكر أطفالا في وطني العربي ينامون بلا عشاء ويحلمون بقضمة من حلوى كهذه ويتشردون من بيوتهم المهدمة إلى أوطان صارت تضيق بهم.. وأشعر أن مشاهد رمي الطعام الشهي للتسلية تفتقد إلى الخجل الإنساني أمام البؤس الشاسع في كوكبنا.. تماما كما في (الموضة) الجديدة لبنطال (الجينز) الممزق عند الركبة ويباع كذلك، وأجد فيه سخرية سرية من الفقراء الذين يرتدون مثله لأنهم لا يملكون ثمن سواه.. أرى في كل تمزق متعمد في السروال ما يشبه اللسان الساخر من الفقراءِ.
أنتمي إلى حضارة تحترم جوع الآخر وفقره، باحترام اللقمة.. جدتي الشامية مثلا علمتني وأخي أن نَلُمَّ عن الأرض قطعة الخبز التي قد تسقط ونقبلها ونضعها على رأسنا.. إنها حضارة العالم الثالث، ولن أضحك يوما لمشهد العبث (بنعمة الله) كما كانت جدتي تدعو الطعام.

مالُهم لهم لكنني أمقت (البطر)!

في المجلة الباريسية أطالع خبرا عن النجم فابريس لوتشيني وحبه للمطبخ الفرنسي العريق وذلك عادي، ما ليس عاديا أنه طلب من الطاهي الشهير في المطعم الباريسي الراقي إعداد طبق لكلبه الذي يتذوق الطعام الشهي أيضا مثله! وأنا شخصيا أحب الحيوانات الأليفة وأحب حب الناس لها ولكنني كمواطنة من العالم الثالث لم أجد الخبر طريفا، بل تذكرت المشردين في أوطاننا العربية الذين لا يحلمون بأكثر من رغيف كل ليلة قبل النوم!.
وبدلا من الإعجاب بالنجم شعرت بالنفور وتشاجرت مع نفسي، إذ يحق لكل إنسان إنفاق نقوده كما يحلو له، وذلك النجم فابريس لوتشيني ليس مسؤولا عن مآسينا العربية، ولكنه ببساطة حين دلل كلبه إلى هذا المدى ذكرني بشعوب بينها من ينام جائعا.

نمرٌ على الرصيف الآخر

احتفظت بعادة من أيام الحرب اللبنانية، التي عاشرت في بيروت أعواما منها تتلخص في النوم، وإلى جانبي في السرير مذياع (ترانزيستور) وبندقية (كلاشينكوف) لأغراض دفاعية. وأول ما أفعله حين أستيقظ (إذا تركني القصف أنام) الاستماع ـ كأهل بيروت كلهم ـ إلى المذيع الكبير الراحل شريف الأخوي الذي يدلنا على أي الطرق (سالكة وآمنة) وفقا لتعبيره اللامنسي ولأعرف على ضوء كلماته هل بوسعي، الذهاب إلى مقر عملي أم لا. ومن يومها وبعد أعوام طوال عشتها في الغرب، ما زلت حين أصحو وقبل أن (أشعل) الضوء أو أنهض من سريري استمع إلى موجز الأخبار وهي روتينية في باريس الآمنة، باستثناء ذلك الصباح الذي أعلنوا فيه عن هرب نمر من السيرك، وفوجئت بأن ذلك يحدث في الحي حيث أقيم وتخيلت اللقاء معه وهو على الرصيف الآخر!

التقيت النّمر المسكين، مقتولا

لم ألتق النّمر على الرصيف الآخر، بل عرفت من البقال بإعدامه، لأن صاحب السيرك لم تكن لديه «طلقات مخدرة».. وهذا من حظ النّمر المسكين، فالموت خير من (الاستعمال) التجاري في سيرك كما يحدث لبعض المواطنين في غير وطن من أوطاننا العربية حيث الحاكم «صاحب السيرك»، والمواطن هو النّمر الذي تم ترويضه جزئيا وسيتم قتله إذا تمرد ولكن بأقنعة محاكمات قانونية!!
لا أعتقد أن الكثير من سكان الحي حيث أقيم وحيث هرب النّمر تعاطفوا معه بل مع خوفهم فقط كخوفهم من اللاجئين المشردين الهاربين إليهم من سيرك أوطانهم وسجونها ومعتقلاتها.. وحروبها الأخوية.

قضبان السجون وصوت السياط والانفجارات

حين كنت بنتا صغيرة، جاء إلى دمشق «سيرك» واصطحبني أبي إليه ليدخل السرور على قلبي، إذ يبدو أنني كنت طفلة كئيبة..
وكان من المفترض أن أعجب بالمدرب الذي حين تفرقع سياطه يذعن النّمر له ويقفز عبر دولاب مشتعل، أو يركع الفيل والناس تصفق. شعرت بالغم والكراهية لصوت السياط وروّعني مشهد السجون بقضبانها المعدنية التي تعاد النّمور إليها بعد أن تُقدِّم نُمرتها ويربح صاحب السيرك المال. هذا المشهد كان يجرني إلى دنيا الكوابيس، ولعل ذلك ما دفعني بعد ذلك بعقود لكتابة فصل في روايتي «ليلة المليار ـ 1985» بعنوان «السيرك العربي الكبير» حيث المواطن العربي في أقفاص مختلفة! وكل منها يرمز إلى مرض سياسي عربي أليم. وفي باريس ما زلت أرتجف خوفا حين أسمع الانفجارات الاحتفالية للألعاب النارية بدلا من الابتهاج والتصفيق، فالانفجارات تذكرني بالحروب الأهلية التي ذقت طعمها. ألَمْ أقُلْ لكم إنني مواطنة من العالم الثالث ولا شفاء لي؟
في وسعك الحصول على جنسية جديدة، ولكن ليس بوسعك شراء ذاكرة جديدة!! تُرى هل بوسع أحد القراء إهدائي ذاكرة جديدة كورقة بيضاء لم يكتب الزمن فيها تأريخا من الأحزان؟ أم أن تلك «الورقة السحرية» ليست صناعة بشرية؟
Jan 13, 2018

الأربعاء، 14 فبراير 2018

هذا المقال للكاتب السوري *محمد الماغوط* بتصرف مني..عنونته آدم بعد التعديل سأنجب طفلاً ذكرا وأسميه *آدم*

هذا المقال للكاتب السوري *محمد الماغوط* بتصرف مني..عنونته آدم بعد التعديل

سأنجب طفلاً ذكرا وأسميه *آدم* ..
لأن الأسماء في زماننا وفي بلداننا تهمة ..
فلن أسميه *محمد* ولا *عيسى* ..
لن أسميه *علي* ولا *عمر*
لن أسميه *صدام* ولا *حسين* ..
ولا حتى *ديفيد* ولا *جورج*..
أخاف أن يكبر عنصريا
وأن يكون له من أسمه نصيب ..
فعند الأجانب , يكون إرهابيآ ..
وعند المتطرفين , يكون بغيا ..
وعند الشيعة , يكون سنيآ ..
وعند السنة , يكون علويآ أو شيعيآ ..
أخاف أن يكون أسمه جواز سفره ..
أريده *آدم* ~ لكل الأديان.
أريده أن لا يعرف من الدين إلا إنه لله ولتعاليمه..
وأريده أن يعرف أن وطنه للجميع ..
سأعلمه أن الدين ما وقر في قلبه وصدقه وعمله وليس بإسمه ..
سأعلمه أن العشائريه وهمٌ  ، وأن الإنسانية هي الأهم ..
سأعلمه أن الجوع كافر والجهل كافر والظلم كافر أيضا ..
سأعلمه أن الله في القلوب قبل المساجد والكنائس ..
وأن الله محبة ليس مخافة ..
سأعلمه ما نسي أهلنا أن يعلمونا ..
سأعلمه أن ما ينقصنا هو ما عندنا ..
وأن ما عندنا هو الذي ينقصنا ..
سأعلمه أنني بدأت حديثي بأنني دعوت لربي أن أنجبه ذكرا لأن الأنثى ما زالت توأد ..
وأن يكون مثقفا فعلا لامتعلما صما..لأن الجهل وباء استوطن "المجتمع العربي" مع كل الحرقه والعذاب ومع كل المحن والذئاب...
                 ☆  ☆

سأنجب طفلاً ذكرا وأسميه *آدم* ..

♧ مفكر ومبدع من بلادي ♧

هذا المقال الرائع للكاتب السوري الكبير *محمد الماغوط* :

سأنجب طفلاً ذكرا وأسميه *آدم* ..
لأن الأسامي في زماننا وفي بلداننا تهمة ..
فلن أسميه *محمد* ولا *عيسى* ..
لن أسميه *علي* ولا *عمر*
لن أسميه *صدام* ولا *حسين* ..
ولا حتى *ديفيد* ولا *جورج*..
أخاف أن يكبر عنصريا
وأن يكون له من أسمه نصيب ..
فعند الأجانب , يكون إرهابيآ ..
وعند المتطرفين , يكون بغيا ..
وعند الشيعة , يكون سنيآ ..
وعند السنة , يكون علويآ أو شيعيآ ..
أخاف أن يكون أسمه جواز سفره ..
أريده *آدم* ~ يهودي ، مسيحي ، مسلم ~ لا يهم ..
أريده أن لا يعرف من الدين إلا إنه لله ..
وأريده أن يعرف أن وطنه للجميع ..
سأعلمه أن الدين ما وقر في قلبه وصدقه وعمله وليس بأسمه ..
سأعلمه أن العروبة وهمٌ ، وان المتدينين وهمٌ ، وأن الإنسانية هي الأهم ..
سأعلمه أن الجوع كافر والجهل كافر والظلم كافر أيضا ..
سأعلمه أن الله في القلوب قبل المساجد والكنائس ..
وأن الله محبة ليس مخافة ..
سأعلمه ما نسي أهلنا أن يعلمونا ..
سأعلمه أن ما ينقصنا هو ما عندنا ..
وأن ما عندنا هو الذي ينقصنا ..
سأعلمه أنني بدأت حديثي بأنني سأنجبه ذكر لأن الأنثى ما زالت توأد ..
وأن الخلل والجهل باقي في "المجتمع العربي" ...
                 ☆ مرسلة سابقا ☆

الأحد، 4 فبراير 2018

مشروع دستور سوريه الحديث الذي تقدمه روسيا

http://www.anapress.net/ar/articles/%D8%B1%D8%A3%D9%8A/12128017062066/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A-%D8%B7%D8%B1%D8%AD%D8%AA%D9%87-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7..-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%A8/

السبت، 3 فبراير 2018

أجمل وأنبل ماقيل بالسوريين مقال رائع للاستاذ رفيع شفيع من أهل السودان يستحق القراءة مهاجرون ... وأنصار....

         
  لماذا نستقبل السوريين ؟
عندما نستقبل السوريين في السودان ، فإنما نستقبل حضارة تزيد عن العشرة آلاف عام ، مملكة ماري وراميتا وسرجيلا وعين دارة وسرمدا وإيمار وأرماد والرصافة وتدمر وعمريت وبصرى.

وعندما نستقبل السوريين ، فإنما نستقبل أحفادا تشكلوا من حفدة وعصارة ثقافة السومريين والآكاديين والكلدانيين والرومان والكنعانيون والفينيقيون وآرام ونستقبل حضارة السومريين والآشوريين والعصر الهلنسي والسلوكي ، والنبطيين وبيزنطا وعصارة إيمان الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين والأيوبيين والعثمانيين ، مجتمعة في الجينات والوجوه والفكر والثقافة والسمات المتعمقة في الإنسانية.

وعندما نستقبل السوريين ، إنما نستقبل أحفاد شرحبيل بن حسنة وخالد بن الوليد وعبيده بن الجراح وعمر بن عبدالعزيز
ونحتشد جنودا خلفهم في اليرموك على بيزنطة ، وإنما نستقبل جنودا في إمارة العلم والوقار والتقى .. و نستقبل هارون الرشيد في الرقة والرصافة ، رقة في التاريخ وحضارة ورقي وخوفا من الله وتقى وإنما نستقبل كل حِراك العهد الأموي والعباسي والسلجوقي ، والأيوبي، عمادالدين ونور الدين زنكي وصلاح الدين ، والظاهر بيبرس ونكون جنودا خلفهم نستعيد القدس ، ونحمي أسوارعكا من جور نابليون ، ونوقع على العصر الصليبي ، نصرا وإقتدارا، وفي عين جَالُوت خلف قطز نذل التتر والمغول، ونزحف معهم خلف سليمان القانوني إلى أسوار فِيّنا
ووزير دفاعهم يوسف العظمة الذي حمى بصدره العدوان الفرنسي والقسام وووو غيرهم
وعندما نستقبل السوريين ، فإنما نستقبل أحفاد أبي تمام وجرير والفرزدق والأخطل والمتنبي ، والبحتري وديك الجن وربيعة الرقي وأبي العلاء المعري وأبي فرأس الحمداني والصنوبري والوأواء الدمشقي وبن الأثير والساعاتي والشاب الظريف وبن حجة الأموي وبن النقيب وفخري البارودي وبدوي الجبل وعمر أبو ريشة ونزار قباني وغادة السمان و الماغوط وحنا مينا وشارل خوري ، شعرا وأدبا وتألقا فنيا رفيعاً .
وعندما نستقبل السوريين فإنما نستقبل طلاب بن تيمية
وبن القيم وبن كثير وبن الجوزي والاوزاعي والطبي
والذهبي ومحب الدين الخطيب والصابوني والطنطاوي والألباني علما وفقها وُتقى ووو غيرهم كثير

وعندما نستقبل السوريين ، فإنما نستقبل مسرحا متكاملا من الجمال والرقي والرقة ونستقبل شاشة عريضة من سينما الإنسانية معمورة بفن أشجانا وأفرحنا وأبكانا وثقفنا وعلمنا معنى الحب والإنسانية ورقي الإنسان وقمة البيان.

وعندما نستقبل السوريين ، فإنما نستقبل أسر لنا شقيقة في الرسالة وفي التوجه وفي الوجع العربي ، نخفف عنهم وطأة التاريخ وخوارج التاريخ ومغول التاريخ وبعث التاريخ منذ فجر الاسلام إلى تيمور لنك وهولاكو الجديد الذي يجثم على صدورهم الآن ذلا وتقتيلا وتهديما في حُمُّص وحماة وحلب والرقة وداريِّا ، وتهجيرا أوصلهم لنا شعب كريم الأصول وجميل المعنى يستجير بأهله ويأمن في داره ، نربت على كتوفهم ونمسح من عيونهم دموع الأسى، إنهم ميراث عز تليد وبناء مشيد وعيش رغيد خلّدوا إسم الأمة على مر التأريخ .

وعندما نستقبل السوريين ، فإنما نستقبل غصون الزيتون التي تنتشر في العالم رموزا للسلام والبراءة ونشرا لكلمة الله ، وتلقينا للبشرية معنى الإسلام والرسالة ، هجرّهم الظلم والبطش ، وبعثرهم في العالم يخوضون البحار ويتنكبون طريقهم في الأدغال والجبال ، أُسر كانت بالإمس القريب عزيزة في أنفسها ، آمنة في ديارها مترفهة في عيشها ومترفعة وعزيزة ، ولكنهم اليوم بيننا أعز من نزل ، وأحب من وصل ، وآمن من لجأ ، نحميهم كما نحمي خاصتنا ونتقاسم معه الأوجاع ، نتضور معا ونشبع معا ونعز معا ونذل معا ، وسنعيد عين جالوت معا واليرموك معا ، وتلك الأيام نداولها بين الناس .
وعندما نستقبل السوريين فإننا ، إنما نزداد شرفا على شرف ونزداد رقيا على رقي وثقافة على ثقافة ورقة وجمالا وألق وفخر وفرح بوجودهم بيننا وليهنأ السودان بهم . فهم شعب شجاع نشيط شاطر لايعرف الكسل متفتح يعمل بكل المجالات لايسأل الأخرين.. 
ستفتح لهم السودان قلبها
وأهلا وسهلا بهم أخوان وأهل
أن شاءالله

الرفيع بشير الشفيع

كيمياء التجانس إلياس خوري

Aug 29, 2017

الشعار الذي أطلقه الرئيس السوري عن مجتمع أكثر تجانسا برغم الخسائر الكبيرة في الأنفس والممتلكات، يكشف عن جوهر النظام الذي أسسته الحركة التصحيحية بقيادة الرئيس السابق والد الرئيس الحالي. فالأسد الثاني، لم يبك على أطلال المدن والقرى المدمرة، ولم يلتفت إلى عدد القتلى المخيف، ولم يستوقفه تحول الشعب السوري إلى شعب من اللاجئين، فهذه أمور تفصيلية لا يجب أن تشكل عقبة أمام مشروع المجتمع المتجانس الذي بنته السلالة الحاكمة في سوريا.

الرئيس الذي استخدم السلاح الكيميائيي في حربه ضد الشعب السوري، يلجأ اليوم إلى كيمياء اللغة، كي يطلق شعارا سبقه إليه الفاشيون في العالم، وكانت أثمان هذا الشعار أكثر فداحة من استخدام الأسلحة الكيميائية أو حتى السلاح النووي. فتحت هذا الشعار جرت إبادات عنصرية كبرى حولت القرن العشرين إلى أكثر الفترات دموية في التاريخ.

والحق يقال: فإن الرئيس السوري حين تكلم عن التجانس لم يكن يقصد التجانس الطائفي، فهو يعلم أن التطهير الطائفي وتبادل السكان الذي جرى في بعض المناطق السورية، من المستحيل أن يقود إلى تجانس تصنعه أقلية طائفية، عدا عن أن الرجل يعتبر، ككل قادة المليشيات، أن الطائفة ليست سوى مطية إلى السلطة.

لذا أخطأ الكثير من المحللين حين اعتبروا، على سبيل المثال، أن مشروع الميليشيات الفاشية المسيحية خلال الحرب اللبنانية يشبه المشروع الصهيوني. صحيح أن هناك أوجه تشابه كثيرة بين المشروعين، لكن ما فات المحللين هو أن القادة الطائفيين المحليين لم يكن لهم سوى هدف واحد هو امتطاء السلطة بصرف النظر عن مصالح الطائفة أو الفئة التي يدّعون تمثيلها.

والرئيس السوري، الذي يتمسك بصورته العلمانية الكاذبة يشبه قادة هذه الميليشيات البائسة التي انتهت إلى ما انتهت اليه، فمشروعه الوحيد هو البقاء في السلطة مهما كان الثمن، حتى لو أدى ذلك إلى التدمير البشري للأقلية الدينية التي ينتمي إليها، وحتى لو صارت بلاده مرتعا للغزاة الأجانب.

 

ما معنى التجانس إذا؟ 

فكرة التجانس في كيمياء لغة الاستبداد ليست غامضة كما نظن، فالمشروع ليس عنصريا حتى وإن لجأ إلى الأساليب الوحشية، والفكرة ليست تفوق عرق على عرق أو طائفة على طائفة، حتى وإن استخدمت اللحمة العشائرية والدينية والطائفية في سبيل تمتين الدولة البربرية. المشروع أكثر بساطة وتعقيدا في الآن نفسه. فالسيد الرئيس يفهم التجانس بصفته مرادفا للخضوع المطلق. وهو في ذلك لا يختلف عن المنظمات الجهادية الأصولية التي تناوبت مع نظامه على قتل روح الثورة الشعبية وتصفية كوادرها وتهجيرهم إلى خارج سوريا.

التجانس لا وجود له إلا في مجتمع العبيد، الأحرار ليسوا متجانسين، ميزة الحرية هي الاختلاف، وتعبيرها هو المجتمع الديمقراطي القائم على فكرة تداول السلطة. أما مَن يريد أن يبني جمهورية يرثها الأبناء عن الآباء، ومَن يعتبر البلاد ملكا له، ويعامل العباد بصفتهم أقنانا وعبيدا، فإنه يبني التجانس بالعنف والقهر والدم، ويسوّره بالخوف.

لا شك أن النظام السوري أصيب بالهلع أمام انفجار لا سابق له في تاريخ سوريا كسر جدار الخوف، وأطلق حركة احتجاجية مصحوبة بمحاولات تنظيمية قامت بها تنسيقيات الثورة. هلع النظام كان بسبب غياب الخوف، فلجأ إلى أقسى درجات العنف: قتل وخطف وتمثيل بالجثث بدأ بالتمثيل بجثث أطفال درعا. وحين لم يرتدع الناس رسم النظام استراتيجية الأرض المحروقة، أفلت الجهاديين الأصوليين من سجونه، وحول الصراع إلى حرب مفتوحة.

لا أريد أن أدخل في آليات هذه الحرب الوحشية التي أوصلت سورية بفضل التدخل الدولي وتدخل أنظمة الكاز والغاز ودعمها للأصوليين ودعوتها إلى تفكيك الجيش الحر الذي كان لا يزال بناء هشا، ولا إلى مسؤولية قيادات المعارضة في الخارج التي ارتمت في أحضان الخليج، فهذه مسائل سيتوقف عندها المؤرخون بأسى، لكن مآلات هذه الحرب قادت إلى حقيقتين:

الحقيقة الأولى هي أن سورية فقدت استقلالها على ايدي حلفاء النظام وأعدائه.

الحقيقة الثانية هي أن بناء المجتمع المتجانس صار محل تنافس بين النظام المستبد واستبداد الأصولية.

فقدان الاستقلال وانتشار المقاتلين الأجانب من الأصوليين وحلفاء النظام الذين هم أيضا أصوليون، أشعر السوريين بأنهم صاروا غرباء في بلادهم.

أمّا التجانس فكان محل تنافس بين النظام وأعدائه في الوحشية، الجانبان نشرا و/أو سربا صور وفيديوهات الضحايا التي تثير الرعب والقشعريرة، وبرغم التفوق التقني الذي أظهره داعش في فيديوهاته، فان الطرفين تنافسا على «إدارة التوحش»، بحيث صارت سوريا كلها ارضا للتجانس بوجوهه الاستبدادية المختلفة. 

لم يستطع أحد أن يصف متعة المستبدين بوحشيتهم، بقي الأدب عاجزا عن وصف متعة القاتل وهو يقتل فيزداد عطشا إلى الدم، لا كامو في «كاليغولا» أو ماركيز في «خريف البطريرك» أو استورياس في «السيد الرئيس» أو غيرهم استطاعوا التقاط متعة التوحش التي ترتسم على قناع الموت الذي يلبسه.

 

لكن ما هو مصير اللاجئين السوريين؟

من المرجح أن تعود جموع النازحين السوريين إلى بلادهم، وخصوصا من يقيم منهم في تركيا ولبنان والأردن، هذا حين تنتهي الحرب أو إذا انتهت الحرب، لكن من المؤكد أن نظام التجانس لن يسمح لأي صوت ارتفع بالاعتراض بأن يعود. فلقد قام النظام بأكبر عملية تطهير ثقافية واجتماعية أعادت سوريا مملكة صمت وصحراء تعبير، وفي هذا الصمت الصحراوي المخيف سوف يتصرف النظام بصفته سيد التدجين، مقدما نموذجًا للتجانس لا مثيل له في العالم.

كيمياء التجانس بدأت تتسلل إلى لبنان ووصلت ذروتها في الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله الذي دعا إلى استبدال المعادلة الذهبية: جيش وشعب ومقاومة بمعادلة رباعية: جيش وشعب ومقاومة وجيش عربي سوري.

كيمياء اللغة تتفاعل مع الواقع السياسي، فغزو جنود حزب الله لسوريا يعني أن الحدود قد امّحت، وللمرة الأولى منذ الاستقلال، من الجانب اللبناني. الشراكة ستكون كاملة، حزب الله في سورية والجيش السوري في لبنان. 

إنه زمن التجانس. فهزيمة ثورات الربيع العربي، كانت مقدمة لهذه الثورة المضادة العاتية التي تتخذ اسم التجانس، هكذا يعيد الاستبداد خنق العالم العربي جاعلا منه أرضا للخوف

الخميس، 1 فبراير 2018

أعداء الإسلام وعملائهم

أعداء الإسلام الغرب بقيادة أمريكا وبريطانيا وبإيعاز وتحفيز مم اسرائيل ينوون تدمير البلد بأيدي حكامنا ثمنا لبقائهم على رأس السلطه ولكن علينا ألا ننسى أن العدو المنفذ لخططهم  ضدنا وضد لإسلام هو سلطتنا  العميله الطائفيه والعنصريه المستبده الفاسده والتي تنهب أموالنا بإسم المقاومه وهي على تماس معنا مباشرة  وهي التي أدخلت الروس أيضا ليستغلوا موارد غازنا وسواحلنا.. والفرس الرفاض لينشروا مذهبهم المخرب ويقوضوا ديننا القويم   ويشوهوا سنة بلاد الشام الرائده بخزعبلاتهم ولطمهم ونحيبهم وحقدهم وأطماعهم عدا عن نهب معادن باديتنا وتحالفهم مع سلطتنا وحزبهم في لبنان وتعاونهم مع ربيبهم المالكي  في فتح سجونهم في العراق وسوريه لتشكيل جزء من عصابات داعش وقد رأيت كيف كشطوهم من تدمر في يوم وليله واستغرقوا أسابيع لطردهم من باقي المناطق كي يدمروا  المدن على سكانها ويهجروا الباقي..
لا يمكن أن تتغاضى عن سرطان مستفحل كي لانعالجه بالكيماوي.من أجل سلام مزيف وأمن بلأأمان
الثوره قامت في بادئ الأمر ضد العبودية والظلم والفساد والخيانة والطغيان وكلنا نعلم أنه لم يكن هناك لاحريه ولاعداله ولاكرامه ولا ديموقراطيه فاصطنعوا الإرهاب مع أمريكا وبريطانيا وإسرائيل كي تكون مطيه لهم لبقائهم  وتدمير البلد وتهجير الشعب واستعمل هذا السلاح كله بأموال شعبه ضد شعبه ولم نرى هذا الجبان البليد المعتوه يطلق رصاصه واحده على العدو الحقيقي الذي نعرفه كلنا..ألا وهو اسرائيل..فبأي آلاء ربنا وربهم يكذبون....
أبو العز الحلبي