الثلاثاء، 25 أبريل 2023

العبوديه المجبر على اختيارها

‏"يقول المفكر الفرنسي اتييان دولابواسييه في كتابه '' العبودية الاختيارية '':
‏ ( عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل تنشأ أجيال من  الناس لا تحتاج إلى الحرية وتتواءم مع الاستبداد ويظهر فيه ما يمكن أن نُسمّيه  "المواطن المستقر"..

_‏في ايامنا هذه يعيش المواطن المستقر في عالم خاص به وتنحصر اهتماماته في ثلاثة أشياء:
‏1/ الدين
‏2/ لقمة العيش
‏3/ كرة القدم أو ماشابهها.

‏فالدين عند المواطن المستقر :
‏لاعلاقة له بالحق والعدل وإنما هو مجرد أداء للطقوس واستيفاء للشكل لا ينصرف غالبا للسلوك .. فالذين يمارسون بلا حرج الكذب والنفاق والرشوة يُحسّون بالذنب فقط إذا فاتتهم إحدى الصلوات !

‏"وهذا المواطن لا يُدافع عن دينه إلا إذا تأكد أنه لن يصيبه أذى من ذلك... فقد يتظاهر ضد الدانمارك عندما تنشر رسوما  مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم لكنه لا يفتح فمه بكلمة مهما بلغ عدد المعتقلين في بلاده ظلما وعدد الذين ماتوا من التعذيب قهراً !"

‏لقمة العيش هي الركن الثانى لحياة المواطن المستقر.. فهو لا يعبأ اطلاقا بحقوقه السياسية و يعمل فقط من أجل تربية أطفاله حتى يكبروا.. فيُزوّج البنات ويُشغّل أولاده ثم يحج إلى بيت الله استعدادا لحسن الختام.

‏اما في كرة القدم، فيجد المواطن المستقر تعويضا له عن أشياء حرم منها في حياته اليومية..
‏ كرة القدم تُنسيه همومه وتحقق له العدالة التي فقدها.. فخلال 90 دقيقة تخضع هذه اللعبة لقواعد واضحة عادلة تُطبّق على الجميع...

‏المواطن المُستقر هو العائق الحقيقي أمام كل تَقدُّم ممكن... ولن يتحقق التغيير إلا عندما يخرج هذا المواطن من عالمه الضيق.. ويتأكد أن ثمن السكوت على الاستبداد أفدح بكثير من عواقب الثورة ضده !!"
وتعقيبا على هذا الكلام أقول أنه في علم الرياضيات هناك توازن مستقر عندما تقف كفتا الميزان في نفس المستوى وهناك التوازن القلق عندما تضع وزنا في كفه دون الأخرى فأنت تجبر تلك الكفه على الوقوف في أدنى مستوى لها نظرا لما يضغط عليها من ثقل والذي يشبه إحكام قبضة السلطه على شعبها  ومع مرور الوقت يألف جيل بعد جيل هذا الوضع  كالذي يألف درجة صقيع عشرين تحت الصفر فإذا ماأتى حاكم آخر ووضعه في درجة عشره تحت الصفر سيسجد شعبه له عرفاناً بالجميل رغم بقائه واقعياً متجمداً تحت الصفر .. وفي الختام هذا المختصر غير المفيد فإن أصعب شيء في إشعال الثورات هو تحريك الغالبيه السلبيه المستكينه السذج من صيغة التابع إلى صيغة المتحول.. ولا حول ولاقوة إلا بالله..
وكل مالم يذكر فيه اسم الله أبتر ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق