الجمعة، 31 مايو 2024

_سايكولوجية الديكتاتور ومدى تلاؤمها مع النظام العالمي الجديد [ ١ ]

هل يصلح ديكتاتور العهود الماضية لأن يركب الموجة الجديدة ؟
الصمت لايزعجني وإنما أكره الرجال الذين في صمتهم المطبق يشبهون أولئك الذين يغلقون قمصانهم من الزر الأول حتى الزر الأخير كباب كثير الأقفال والمفاتيح  بنيّة إقناعك بأهميتهم. 
إنه باب لا يوحي بالطمأنينة وما قد يخفي صاحبه خلف ذلك الباب المصفح من ممتلكات لا يبهرني بقدر ما يفضح لي من هوس صاحبه وحداثة ثروته فالأغنياء الحقيقيون ينسون دائما إغلاق نافذة أو خزانة في قصرهم
إنما المفاتيح هوس الفقراء أو أولئك الذين يخافون إن فتحوا فمهم أن يفقدوا وهم الآخرين بهم.. الغريب في هذا الرجل أنه ككل أثرياء الحلم يترك في أعلى معطفه السميك للصمت زراً واحداً مفتوحا للوهم كباب موارب وربما كان هذا بالذات هو الشيء الأكثر إغراء فيه فهو لا يصمت تماماً ولا يتكلم إلا بقدر كسر الصمت بكلمات قليلة بعيده عن واقع شعبه إلى درجة السفاهه لتختصر اللغة .. إنه بطل جاهز لتملّك رواية أو بالأحرى لتملّك شعب ....
وهل الرواية سوى المسافة بين الزر الأول المفتوح وآخر زر قد يبقى كذلك ؟! كأنها قضية شرف تبدأ بصعوبة فتح الزر الأول وتنتهي بسهولة أن تدوس بإصبعك وأحياناً بقدمك على كل النفائس التي كانت تخفيها تلك الأزرار.
أتوقع أن يكون الديكتاتور قد ولد بمزاج عسكري وحمل السلاح قبل أن يحمل أي شيء فأين العجب في أن يكسر إرادة شعبه دون حتى قصد تماماً كما أغراه قبل سنوات دون جهد على قيادته. أليست السلطة كالثراء تجعل الحاكم أروع وأشهى ؟
أوليست الشعوب كالنساء تقع دائماً تحت فتنة البدلة العسكرية وسطوتها قبل أن تنتبه إلى أنها بإنبهارها بها قد صنعت قوتها..
صحيح أن الديكتاتور يفعل ذلك تدريجياً وبكثير من اللياقة وربما بكثير من التخطيط، وأن الشعوب تمضي نحو عبوديتها بمشيئتها ومن الأرجح دون إنتباه ، سعيدة بسكينتها.. عفواً بل استكانتها فعادة السكينة التي ينزلها الله على قلب المؤمن حتما تختلف عن سعادة الاستكانة التي تمنحها فتاة ساذجة تاركة لرجلها الدور الأجمل.. دور الرجولة التي تأمر وتقرر وتطالب وتحمي و تدافع وتتمادى. ربما وجدت في تصرفه شيئاً من الأبوة التي حرمت من سلطتها ، كما وجدت الشعوب في ابن لها ، ولو كان سفاحاً.. في أن تملأ فراغ كفالة المستعمر التي كانت تعيش في بيت أبوته..

وهكذا تبدأ العلاقة بإنبهار متبادل وبعنف التحدي المستتر
فمن الأرجح أن الديكتاتور يفكر بمنطق العسكر.. هذا إذا لم يكن أصلاً واحداً منهم إذ من يمكن أن تكون له القوة على سلب الحكم غيرهم .. وما أن يصل أحدهم إلى السلطة حتى يصر على شغل كل المناصب الرئيسية في الدولة، وكل الحقائب الوزارية الهامة إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، معتقداً أن لاأحد غيره جدير بأن يشغلها ، بل وأن وجود شخص غيره فيها هو إحتمال دائم للإطاحة به. ولهذا فهو لا يترك في حياة شعبه مساحة حرية يمكن أن يتسلل منها أحد، فقد سطا على كل الكراسي دون أن يشغل أحدها بجدارة ..
لعل ذلك ليس خطأً وإنما قصداً منه ، كي يعم التخبط إلى درجة الغيبوبة وربما السبات ... وهذا هوالمطلوب حتى إذا ماداهمه خطر خارجي هدد كيان وجوده عمد إلى إيقاظ شعبه عبر رجّات كهربية إعلاميه يدعوه بها إلى إنقاذ قامته بإسم الوطن والكرامة.. وكيف يكون ذلك بعد أن سلب الوطن من مقدراته وداس الكرامة بعقب حذائه..
_____________


_سايكولوجية الديكتاتور ومدى تلاؤمها مع النظام العالمي الجديد [٢]

وعادة يبدأ الديكتاتور باستخدام الأهداف النبيلة للوصول إلى الغايات الشريرة ( كمحاربة الإستعمار أو الاحتلال ثم الدعوة للوحدة القومية أو الدينية) آخذاً بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة حيث يعطي المشروعية لاستخدام كل الأسلحة كالحروب والاغتيالات والتفجيرات للوصول إلى الأهداف التي
تدعو لها زعامته الملهمة.. ولايتوانى عن اللجوء للعنف وسفك الدماء والزج بالمعتقلات عند أول بادرة خلاف مع الآخرين كما يقوم بتصغير وتحقير أو حتى تغييب النظام القضائي
ثم يعمل على تعيين وتوظيف أفراد السلطة التشريعية من هم من حزبه أو المؤتمرين بأمره
من ضعاف النفوس
ليحملوا رايته ويحلفون بإسمه ويجعلون همهم  في إرضائه وتشجيعه على  ماتسول له نفسه من سوء النية والعمل ..مكرسة كل ما عندها من النفاق المبتزل والتزاكي المكشوف لخدمته ، تحت اسم شعارات براقة كالديموقراطية والشورى وهنا تكمن الطامه الكبرى من هذا البلاء حيث يكون تقييم الحاكم لأعوانه في التسابق على الولاء وليس في الجودة بالعطاء .
وبذلك يتم اختزال السلطات الثلاث بشخص القائد الذي لا يخجل حتى في تحريف الحقائق الدينية والأخلاقية عن طريق حث حتى الإفتاء في تفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبويه على هوى هَديِه  في سبيل تدبير أعماله الشريرة وتنتشر هذه الهيمنة إلى بقية المسؤولين والمتنفذين من كبيرهم إلى صغيرهم وتجزأ الخطط الإجرامية كما هي الأحجية المجزأة.. كلٌ يعمل في جزء بإسم حماية الوطن بحيث
يخفى على الأكثرية الصغار السذج.. الشكل الكامل لهذه الصورةالقبيحة..
وطبعاً لاينسى هذا الحاكم من ان يقيّد الصحافة وحرية الإعلام بجعلها تدور في فلك تمجيده إذ يحولها إلى وسائط دعاية له تسبّح ليل نهار بإسمه وتبرر أعماله وجرائمه فيصبح شغلها الشاغل شغل الناس عن ملاحظة النتائج الخطيرة المترتبة على ذلك من تخريب لإقتصاد البلد وبالتالي ضياع قوت وحقوق الشعب، وقد يوهم الناس أنه بصدد حل أزمه فيخلق أزمة أخرى فيضاعف بالتالي المشكلات بدل حلها خصوصاً في تحويل مشكلات في الخارج للتغطية على أخطار وسرقات الداخل إلى درجة قد تصل إلى إحداث حالات تصادم مع المجتمع الدولي بدعوى أن العالم يتآمر عليه ليكسب عطف الناس والتفافهم حوله..فبالرغم من تواجد ضائقات  في البلد يقوم بخلق حالات نقص شديد ومتكرر أو غلاء فاحش في السلع الاستهلاكية الأولية ليجعل المواطن مشغولاً  طوال الوقت بالإصطفاف لساعات أمام الفتات الذي يوفره الطاغية لشعبه المبتلى ومن وقت لآخر تقوم مخابراته وزبانيته بإظهار وإشاعة أعمال العنف الشديد أمام الملأ بقصد إخافة الناس وإرهابهم لتسليس وتسهيل
عملية قيادتهم فتسمع بين حين وآخر بأخبار التخلص من مقرّب أو قريب أو صديق ومن ثمّ القبض على فئة من المثقفين أو الموالين أو اغتيال شخصيات بارزه..  وقد يصل الأمر إلى تدمير مدينة منشقة أو قرية ناشذة..
المهم أن يبقى مسلسل الرعب
قائماً..
في نفس الوقت ترى بطانته تسرح وتمرح برغد العيش وطلب كل ما هو محرّم على الشعب بإسم التفوق القومي والنضالي إذ تُمنح لهم الاستثناءات والامتيازات ليأتوا بسلع استفزازية أمام أعين الشعب المحروم حيث المؤسسات مؤممة ووسائل الإنتاج مسيسة وموارد البلد ملك للدولة طبعاً من غير أن تدخل في ميزانية الدولة .. وكل هذه التصرفات مبررة حفظاً لأمن الدولة.. إذ لا تسمع يوماً عن وسيلة أو دائرة تعنى بأمن المواطن..
الدوائر كلها مطوّعه لأمن الدوله..!
في النهاية ينتمي هذا النوع من الحكام إلى السلالة الأسوأ من الرجال تلك التي تخفي خلف رصانتها ووقارها كل عقد العالم وقذاراته .. كأولئك الذين يجلسون جوار زوجاتهم بهيبة وصمت ثم يتركون لأقدامهم حرية مد حديث بذيء تحت الطاولة..
يحدث ذلك في بلد تدخل مقهى فيه فيرفض النادل أن يعطيك السكر وقد يطلب منك أن تشرب الشاي بدل القهوة  التي طلبتها
(نظراً لعدم توفرها في البلد)
أو تشرب السم الهاري الذي يرتئيه أو تذهب إلى بيتك وتشرب قهوتك بالسكر أو بالقطران إذا شئت..هذا إذا لم يقلب عليك فنجان القهوة.!. فمنذ عشرات السنين وهذا البلد يمكن أن يحدث لك فيه أي شيء مع نادل..فكيف إذا كان جميع الذين تُفرض عليك معاملتهم كانوا أندالا ؟
واعذروني على جمع التكسير هذا لأن صمتي أسوأ من أن أكسره لأقول شيئاً لنادل...

الثلاثاء، 21 مايو 2024

ذكرى فيلم القلعة الأخيرة (١٩٩٨) بينما أرقب أحداث غزه المعتقل الأخير (٢-١)

ماهي الصفات التي تجعل من الرجل قائدا ؟! ما هو DNA القيادة ؟ إذا صح القول فإن مخرج فيلم القلعة الأخيرة ( رود لوري ) طرح أسئلة في عرضه للأحداث أجمل ما فيها الفكرة الرئيسية للفيلم.....
أساس هذه الفكرة المبتكرة تدور حول جنرال موقر تمتحن مقدرته القيادية عندما يحكم عليه من قِبَل محكمة عسكرية بالسجن في سجن عسكري عبارة عن بناء لقلعة قديمة حيث يعرض لنا كاتب السيناريو ما يمكن أن يجري لجنرال أسطوري أدين بإرتكاب عمل شائن إذ أنه زج بفرقة تابعة لأمرته في محاولة يائسة لإنقاذ أهالي أعدائه فيقعون في كمين يتم القضاء عليهم جميعا فيتم إرساله إلى ذلك المعتقل الذي هو أشبه بحظيرة المساجين عسكريين دونيين في الرتبة والسلوك مما يجعله يتسائل ماذا يمكن أن يحدث له عندما يقع تحت سيطرة رجال هذه الحظيرة ومن سيقدم التحية للآخر في هذه الظروف ..
هنا قد تلعب الإثارة دورا أساسيا في الفيلم خصوصا عندما ينشأ التحدي بين رجلين قياديين عسكريين, جنرال مبجل مسجون وكولونيل قائد سجن وغد أقفل عليهم ضمن لعبة شطرنج نفسية كل منهما يحلم أن يكون الملك ..
إنها ليست قصة مساجين يحاولون الهرب, بل هي حقيقةً أباليس يصارعون للسيطرة ..
لم يأخذ الكولونيل مسئول السجن المسألة مأخذ الجد ظنا منه أن المساجين تحت قبضته وبإمكانه أن يتسلى بهم بحسب ما تملي عليه غرائزه الشريرة فلما قرر البدء باللعبة, كانت المسألة قد بدأت تخرج من يده وأصبح الإنتصار شيئا شبه مستحيل ..
[26/04, 20:53] Dr Lotfi: في ذكرى فيلم القلعة الأخيرة (١٩٩٨) بينما أرقب
أحداث غزه المعتقل الأخير (٢-١)
في العادة..
انا من عشاق الأفلام التى تحكي قصة السيد
المقهور البائس الذي يبتدع طرقاً ينتصر فيها على الوغد الشرير أو المستبدالمهووس رغم غوصه في مستنقع اليأس, فهنا ومن خلال خطة بسيطة  وذكيه لكنها محكمه، وبالتعاون مع أفراد طاقم المساجين البؤساء استطاع ان يقاوم المدافع النارية ويستحوذ على مدافع الماء الرشاشة والطائرة الدوامة،محتلا السجن ومعتقِلا
الحرس الخاص بعد أن أقفل عليهم استراحة السجن.
هنا.. ذكرتنى أحداث الفيلم بما يحدث في غزة هذا المعتقل الكبير الذي أشرف على الإنهيار بسلطته ونظامه على أيدي أبناء شعبه البواسل في سجنهم الكبير تتنازعهم غرائز عدة نمت في أحضان السلطة الغاشمة وترعرعت في
مستنقعات الفساد ورغم كل ذلك فقد عادت إلى أصل حليبها الطيب . حليب الأمهات التي عاشت عصر الاستقلال والحرية من المستعمر الأجنبي..
عادت بعدطول هوان وظلم فتحولت النفوس المتفحمة بفعل الضغط الشديد ماساً براقاً أوقد
الجمر ثانية فتحوّل ناراً على حكامها المماليك لتعود بهم إلى مواقعهم الأولى يوم كانوا حثالةصعاليك..
وتسطع السماء نورا يفيض على غزة الحبيبة،بعدما طالت ظلمتها الحالكة..

تراه كان (خريف نيويورك) الذي أنضج نبيذ صيفي ؟ في ذكرى مشاهدة الفيلم الذي لعب دور البلايبوي فيه (ريتشارد غير) أمام الفاتنه (وينونا رايدر)

هي.. لا تدري كيف اهتدت أنوثتها إليه..
هو..الذي بنظرة إليها امتطى جنونه  عبر خيول الشوق تأخذه إليها..
رغبة صهيل داخلي لايعترضه منطق.. تدخل الكهرباء إلى دهاليز نفسه فتوقظ رغباته المستترة فتشتعل كلماته ليصبح سيد الوقت في هذه الأمسية يوم كانت تطفئ شموع عيد ميلادها الثاني والعشرين وهو يحاول إيقاد شمعته الثامنة والأربعين ليكتب على ضوئها بأنه مازال سيد المستحيلات  والهاتف العابر للقارات..
بل هو الإنبهار الدائم لليل تعرف النساء نجومه لأول مره..
كم يلزمه من الأكاذيب الصادقة كي يواصل حياته معها..
كم يلزمه من الأكاذيب كي يواصل حياته معها.
كم يلزمها من الصدق كي تقتنع بإنتظاره..
ربماظن أن على الرجل إذا أراد الاحتفاظ بإمرأة أن يوهمها أنه في أية لحظة يمكنه أن يتخلى عنها..
أما هي فكانت تلك المرأة الثائرة التي تعتقد أن عليها أن تكون قادرة على التخلي عن أي شيء لتحتفظ بالرجل الذي تحب.. في تمويه لإيماءاتها العشقية قبلت أولاً  أن يصبحا صديقين في علاقة أصدر فيها أمره ألا يكون لها أي مستقبل .. فبين نظرته ونظرتها يتابع حبه تهربه العابث ولكن ذاكرة عشقه تبدأ بالإرتباك خصوصاً عندما تبدأ بطرح أسئلتها عليه دون صوت بل بذبذبات صمت وحده يعرفها..
بين ابتسامتين كان يلف حول عنقه السؤال ربطة عنق من الكذب الأنيق ويعود إلى صمته فهو يعرف تماماً أن الأسئلة غالباً خدعه  أي كذبة مهذبة نستدرج بها الآخرين إلى كذبه أكبر ..
قال لها مرة تحاشي معي الأسئلة كي لا تجبريني على الكذب..
يبدأ الكذب حقاً عندما نكون مرغمين على الجواب ، ماعدا هذا فكل ما سيقوله من تلقاء نفسه قد يكون أكثر صدقاً. يومها حفظت الدرس جيداً  وحاولت أن تحقق لغة جديدة على قياسه.. لغه دون علامات استفهام
دون أن تنسى أن تتبعها بعلامات تعجب وغالباً بعلامات إعجاب..
كان يتمتم لها دائماً إذا كان ثمة فراق فليكن فراقاً جميلاً ولكنها أجابته بسخرية مستترة ( وهل ثمة فراق جميل ؟)..
ثم استرسلت :
على كل حال إننا متفقان رغم اختلاف الأسباب فأنا أبحث أيضاً عن  علاقة تستهويني ليس لفروق العمر فيها أي حساب..  أريد علاقة دافئة مع رجل يعجبني الآن في ذروة نضوجه وحنكته ووسامته يسلبني ذاتي وأتيم به فلا أعرف اليوم من الغد.. علاقة تعتمد على بُعدٍ نوعي كيفي في كون خاص تلتغي فيه أبعاد الزمن، فقد    استشرى الداء في شغاف القلب وأصبحت أيامي التي أعيشها معك محدودة ، وقد تكون محظوظاً معي ويكون من الأسهل التخلص مني لتبحث عن أخرى كعادتك..
أو أنك سلمت جدلاً بأنك أحببتني فيكون سهلاً عليك تقبّل موت من تحب على تقبّل فكرة فقدانه واكتشاف أنه بإمكانك مواصلة الحياه بكل تفاصيلها دونه
وهو يعيش بعيداً عنك..
ما الذي قلتِه ؟ ماالذي نطقتِ به ؟ داهمته الصدمة!.. كيف لها ان ترحل عني وانا الذي تعوّد أن يرحل أولاً ..
ما هذه اللعبة الجديدة التي حسمت نتيجتها بمجرد البدء بالاستمتاع بها؟!.. يتخبط كيانه بهذا الحدث الجديد عليه كلياً ويتركها ليهيم على وجهه ويُمضي الأيام في رحاب الحدائق التي ما فتئت تنثر أوراقها العسلية على الأرض من حوله.. وتتجهم غيوم الخريف ملتفة حول رأسه وتزداد أيامه حلكة وقتامة " وبينما هو في غمرة هذه الفوضى من الحواس يشعر بها وقد تغلغلت في شرايينه..  تسللت إلى بطينات قلبه لتركن بها إلى الأبد..
في تلك اللحظة ومضت حقيقة حبها في يقينه..
لم يسبق له أن لمس هذا الاحساس من قبل..
ويفيض كظره بفيض عارم من الادرينالين يصرخ في وجه كل صُفَيْحة دمويه  تتجه إلى قلبه..
سأحارب الدنيا كلها لأجلها..سأركب المستحيل وأبحث لها عن الدواء حتى ولو كان في أقاصي الأرجاء..
وتبدأ رحلة البحث عن حل وهل يوجد حل للعبة الموت؟ ويهتدي إلى ساحر جراح هوايته ركوب المصاعب والسخرية من الأقدار.. يقولون عنه أنه صانع اللا ممكن ويَعِده بإجراء الجراحة حين تنتابها نوبة الإغماء ولم تكن تلك ببعيدة فما أن تسقط في غيبوبتها حتى يتم استدعاء الطبيب الساحر ويودّعها هو وأصابعه تلامس أطراف أصابعها قائلاً لها " ابقِ معي.  هي تتمنى .. هو يرغب .. يصارع .. يريد ولكن لله شأن آخر.. فيسترد ملاكه..
لقد قام بما يريد...
كعادتي عندما أنتهي من الكتابة ليلاً أعود لقراءة ذلك النص أول ما أستيقظ..
كنت على عجل .. أريد أن أعرف إن كانت تلك القصة جميلة حقاً كما كانت تبدو في لحظة كتابتها أو لحظة مشاهدتها.. فقد كتبت أخيراً نصاً رومانسياً استثنائياً...
وهذا في حد ذاته إنجاز أدهشني فأنا لم يحدث يوماً أن تعرفت إلى رجل يشبه هذا الرجل في داخلي.. في نفوذه الجذاب وحضوره المربك.. رجل له هذه القدرة الخرافية على خلق حالة من الارتباك المخلص الجميل ، وتلك المرأة أيضاً لا تشابه النساء تتصرف بعكس ماكن سيفعلن
وهي تعتقد بحماقة الأنثى أن الذين نحبهم خلقوا ليتقاسموا معها المتعة والألم ، النشوة والعذاب .. وأن على الرجل الذي يحبها أن يحبها إلى حين.. ثم تموت ليتحسس بموتها وبألمه الكم الذي يحبها لأول مرة . وإذا كان ما أسعدني في هذه القصة هو كونها لم تكن قصتي ولم تكن مشكلتي
هي قصتهما التي دخلتها مصادفة كمن يفاجأ بنافذة مقابلة لشرفته مفتوحة ويتلصص على من فيها..
لم تثر فضولي.. وحده ذلك الرجل يعنيني.. بي فضول رومانسي لفهمه..  لطالما دوختني تفاصيل الرجولة تلك التي لها كبرياء الإيحاء وذلك الاستفزاز الحميمي الصامت الذي تشي به ذبذبات لا علاقة لها بالفحولةيلتقطها من أنوثتها فتقع هي في عبوديته
هل كان لغز  وقوعه بها هي تلك الشفافية الفاضحة كإمرأة خارجة تواً من البحر بثوب خفيف ملتصق بجسدها تمسك به وتأخذه معها إلى الأعماق..
لا بد أن أكون معهم هناك كي أختلق لهما أحاديث ومواعيد وخلافات ولقاءات جميلة وخيبات ومتعه.. ودهشه ونهايات
إنه إمتياز ينفرد به الروائي متوهماً أنه
يمتلك العالم بالوكالة..

((لما ال Bandage فات..))

[ذكريات مع مريض حلبي ذواق عن تجربته في تحزيم معدته بغرض تخفيف وزنه وماعاناه من تبعاتها وما انتفعه من حسناتها ..]
عنوان المقاله:


آه هذا هو قدرك.. ذواق يترك نفيس الزاد ويحتسي القليل من الماء وياويله ثم ياويله إذا زاد ..
ليس له إلا أن ينكب على وجهه فاراً بزيه الأنيق الجديد بعيداً عن أكثر أنواع الغذاء..
كيف لمعدة أن تصبر طويلاً هكذا على مدى ستة أسابيع وهي غارقه في شبر ماء، بعد أن كانت تعيش على عز مالذ وطاب
آه منك أيها الزمان
كيف استطعت أن تقلب كيان هذه المعده بعد أن كانت تتلقى وجبات بيفرلي هيلز ال
Beverly meals فأضحت تقتات
على فُتات وجبات التقنين Pooperly
meals..
دراويش الكبيبه الحلبيه تحولت إلى قنابل عنقوديه..
خدود الخرشوف الزاكيه صارت نباتات صحراويه..
جدران مطبخي التي كانت تلمع ببريق دسمها ترتجف وتتعرق كأنها أصيبت بنوبة هبوط سكر دمويه..
قدور المحشي الملكيه تصفر خاوية على عروشها ..
صواني الأفران تنتحب خرفانها وديوكها..
مقلوبة الباذنجان انقلبت عن الموقد وتبعثرت مكسراتها لما مررت بجانبها ولم أُعٍرها نظره..
بائع الكاتو لاحقني بعربته في كل ركن وأجبرني على شراء كل مامعه لألوكه
(مع كل الحسره) ثم ألفظه (مع كل الحب) ،كأمين خزنة يعد الفلوس ويرميها بعيداً عن ناظريه خشية أن يوسوس له شيطانه بالإحتفاظ بها..
كنت أسأل نفسي دائماً كيف السبيل إلى إستعادة رشاقتي الشبابيه وبأيّة وسيلة سحريه ألجم معدتي الذواقه  التي كانت ليل نهار تهيمن عليَّ ببرامجها الأخاذه..
ماهو النسيان ياإمبراطورة الولائم ؟
وأنتِ حين تذكريني بغمسة من مربى الورد ..تنمو حدائق الورد الجوري على أريكتي أو حين تطلين عليّ بنفحة من تركيبة توابل لكبسة سعوديه  تفوح روائح عطورها من بلاد الهند والسند.. تنبئني بغموضها وسحرها..
لم يكن بداً علي إلا أن أقيد الغجرية التي تقطنني بهذا الحزام الخانق كي أستطيع الصعود وحيداً نحيلاً إلى جبال الحِميه اللئيمه.. ولاتسلني كيف كنت أنهمر ضيقاً وحزناً وأنا أصمد أمام إغراءات الموائد.. أسمع لهاث الأكولين حولي وهم يتسلقون الأطباق المرصوفه بجموح واحد وبين الفينة والأخرى يشهقون غبطة واحده..
ماذا أقول لك أيها الرباط المقدس وقد اخترقتني كصاعقه وشطرتني   نصفين..نصف يحبك لفوائدك ونصف يتعذب لموانعك.. 
أقول لك نعم وأقول لك لا ..
أقول لك إبقَ وأقول لك ولِّ..
أقول لك ذلك كله في لحظة واحده وانت وحدك تفهم هذا كله ولاتجد فيه أي تناقض!..
مخالبك تنشب في
جدار معدتي.. تفاجئني غصّاتك الرافضه لكل ماأهواه..
أتأمل المآكل المغري من حولي وأنصب خيمة الشوق بين أطباقها الشهيه وأنتظر الفرج..
أبحث عن أسناني فأجدها وقد غادرت ثغري ترقد جانب رأسي على مخدتي ..
أنام دون شخير بطمأنينة الأطفال الذين لم تنبت أسنانهم بعد ..
وغيبوبة المحتضرين البالغين الذين سبروا ملذات الحياه وهم يتمتمون الآن بالتوبه.. 
وعندما صحوت من غيبوبتي ونظرت إلى نفسي ..شعرت وكأني ورثت مجرّه.
حواسي الشبابيه النائمه استيقظت..
حماسي الذي كاد يموت ضجراً  انتعش ..
الضحك الذي عدوت خلفه طويلاً في دروب نهمي المتغطرسه عاد مهللاً..
أقسم بأن التحليق على منصات ديور وفرساتشي أصبح حقيقة واقعيه منذ أن مارس هذا اللجام لمساته السحريه ..
آه منكَ يالجام معدتي ، لو أني عرفتك مع بداية الألفية الثانيه لكنت أثبتُّ للعالم كله كيف يمكن أن تتحول حروبه الأهليه إلى رقصات تانغو رومانسيه.. عندما أطحت خمسة وثلاثين كيلو من وزني دون ترهل جلدي لما مارسته من تمارين رياضيه
وأتيت السهره بأزيائي القديمه في حياكتها، الجديده في ملبسها.. حسبت نفسي في بلاد الفرنجه أراقص فاتنات الباليه في موسكو وأمارس التزلج على ساحات الجليد في سويسرا  وأشارك في حفلات الأزياءفي صالونات باريس..
آه منك أيها الرباط (المسدس)المقدس
هل نتعلم كيف نكون صديقين؟!..
وأنت تريدني أن أصادق النمله كي أتعلم الصبر دونما كلل..وتطلب مني أن أستهين بالموائد العامره دون علل..
منذ عرفتك أيها الرباط وأنا أشهق
(بالفهقه)وأبتلع ريقي وفؤادي يعاني (غصّه) وإذا  زاد مقدار الماء (رشفه) انتابتني (مغصه) ولكن ماأن أتوقف عن الزاد حتى تزول آلام (القرحه)..وحينما أقف علي الميزان تنتابني (غبطه)
وعندما أنظر إلى المرآة تسري في جوارحي (نشوه) ولاتسل عني والناس ترمقني بنظرات الإعجاب وتكيل عليَّ عبارات الثناء والمديح  يالها من فرحه مابعدها فرحه ..

غرائب غراب

الى أخي وصديقي الدكتور محمد غراب مصري المولد سوري الإقامة امين المبدأ

رأيت غرابا بالمنام، وجدّته تهدده بـلقمة الزقوم ،إذا كذب،ومن يومها وهو يقول الصدق حتى فى حضـرة الشـهب المقدسه
وحين حـاولت عجائز الأسرة قص لسانه وإطعامه للقطة لكي يصير شامياً نموذجـياً لفَّ صدقه حول رأسه ككفن سوداني 
وركض هارباً فى كتاب دمشقي كغلطة مطبعية فات أوان
تصحيحها..
ذلك هو غراب الغرائب في زمن العجائب، الزمن الذي صار فيه الرجل يأكل لحم أخيه ليلاً ويترأس جمعية النباتيين نهاراَ،كما بدت المرأة فيه تسيل ناراً على حبيبها ليلاً وتنكره ثلاثاً قبل صياح الديك..
وتظل يا غراب طيراً لا يصلح لأقفاص طيور الزينة. ستظل
تطير فوق الأنواء كعصفور الزلازل.. كبلبل يصدح متمرداً عن
قفصه الذهبي ستطير صَـوٌب الشمس ولو أحـرقت طرف
جناحيك، لأنك تعلمت كيف تتحول من سحلية تعوم في ترعة نيلية الى نورس يحلّق فوق قـاسيون سوري. لكنك لن تنسى
أبداً رقصك الزاهي تحت الشمس كتمساحٍ نيلي صغير يطارد ذيله معربداً في واحات التـملق المصري المرفه. ببراءة زوربا الراقص في الطين مكتشفاً النجوم محلقاً بعيداً عن حضارةالفراعنة ، من دون ان تنساها لتركب سفيـنة فينيقية..
ذلك أنت
غراب الغرائب
تعويذة شؤم لمكائد بلاد الشام وظاهرة عجيبة في مـزالق
أرض الكنانة...

الاستراتيجيات العشرة للتحكم بالشعوب ... - البروفيسور _نعوم _تشومسكي

الاستراتيجيات العشرة للتحكم بالشعوب ...

- البروفيسور _نعوم _تشومسكي .