[ذكريات مع مريض حلبي ذواق عن تجربته في تحزيم معدته بغرض تخفيف وزنه وماعاناه من تبعاتها وما انتفعه من حسناتها ..]
عنوان المقاله:
آه هذا هو قدرك.. ذواق يترك نفيس الزاد ويحتسي القليل من الماء وياويله ثم ياويله إذا زاد ..
ليس له إلا أن ينكب على وجهه فاراً بزيه الأنيق الجديد بعيداً عن أكثر أنواع الغذاء..
كيف لمعدة أن تصبر طويلاً هكذا على مدى ستة أسابيع وهي غارقه في شبر ماء، بعد أن كانت تعيش على عز مالذ وطاب
آه منك أيها الزمان
كيف استطعت أن تقلب كيان هذه المعده بعد أن كانت تتلقى وجبات بيفرلي هيلز ال
Beverly meals فأضحت تقتات
على فُتات وجبات التقنين Pooperly
meals..
دراويش الكبيبه الحلبيه تحولت إلى قنابل عنقوديه..
خدود الخرشوف الزاكيه صارت نباتات صحراويه..
جدران مطبخي التي كانت تلمع ببريق دسمها ترتجف وتتعرق كأنها أصيبت بنوبة هبوط سكر دمويه..
قدور المحشي الملكيه تصفر خاوية على عروشها ..
صواني الأفران تنتحب خرفانها وديوكها..
مقلوبة الباذنجان انقلبت عن الموقد وتبعثرت مكسراتها لما مررت بجانبها ولم أُعٍرها نظره..
بائع الكاتو لاحقني بعربته في كل ركن وأجبرني على شراء كل مامعه لألوكه
(مع كل الحسره) ثم ألفظه (مع كل الحب) ،كأمين خزنة يعد الفلوس ويرميها بعيداً عن ناظريه خشية أن يوسوس له شيطانه بالإحتفاظ بها..
كنت أسأل نفسي دائماً كيف السبيل إلى إستعادة رشاقتي الشبابيه وبأيّة وسيلة سحريه ألجم معدتي الذواقه التي كانت ليل نهار تهيمن عليَّ ببرامجها الأخاذه..
ماهو النسيان ياإمبراطورة الولائم ؟
وأنتِ حين تذكريني بغمسة من مربى الورد ..تنمو حدائق الورد الجوري على أريكتي أو حين تطلين عليّ بنفحة من تركيبة توابل لكبسة سعوديه تفوح روائح عطورها من بلاد الهند والسند.. تنبئني بغموضها وسحرها..
لم يكن بداً علي إلا أن أقيد الغجرية التي تقطنني بهذا الحزام الخانق كي أستطيع الصعود وحيداً نحيلاً إلى جبال الحِميه اللئيمه.. ولاتسلني كيف كنت أنهمر ضيقاً وحزناً وأنا أصمد أمام إغراءات الموائد.. أسمع لهاث الأكولين حولي وهم يتسلقون الأطباق المرصوفه بجموح واحد وبين الفينة والأخرى يشهقون غبطة واحده..
ماذا أقول لك أيها الرباط المقدس وقد اخترقتني كصاعقه وشطرتني نصفين..نصف يحبك لفوائدك ونصف يتعذب لموانعك..
أقول لك نعم وأقول لك لا ..
أقول لك إبقَ وأقول لك ولِّ..
أقول لك ذلك كله في لحظة واحده وانت وحدك تفهم هذا كله ولاتجد فيه أي تناقض!..
مخالبك تنشب في
جدار معدتي.. تفاجئني غصّاتك الرافضه لكل ماأهواه..
أتأمل المآكل المغري من حولي وأنصب خيمة الشوق بين أطباقها الشهيه وأنتظر الفرج..
أبحث عن أسناني فأجدها وقد غادرت ثغري ترقد جانب رأسي على مخدتي ..
أنام دون شخير بطمأنينة الأطفال الذين لم تنبت أسنانهم بعد ..
وغيبوبة المحتضرين البالغين الذين سبروا ملذات الحياه وهم يتمتمون الآن بالتوبه..
وعندما صحوت من غيبوبتي ونظرت إلى نفسي ..شعرت وكأني ورثت مجرّه.
حواسي الشبابيه النائمه استيقظت..
حماسي الذي كاد يموت ضجراً انتعش ..
الضحك الذي عدوت خلفه طويلاً في دروب نهمي المتغطرسه عاد مهللاً..
أقسم بأن التحليق على منصات ديور وفرساتشي أصبح حقيقة واقعيه منذ أن مارس هذا اللجام لمساته السحريه ..
آه منكَ يالجام معدتي ، لو أني عرفتك مع بداية الألفية الثانيه لكنت أثبتُّ للعالم كله كيف يمكن أن تتحول حروبه الأهليه إلى رقصات تانغو رومانسيه.. عندما أطحت خمسة وثلاثين كيلو من وزني دون ترهل جلدي لما مارسته من تمارين رياضيه
وأتيت السهره بأزيائي القديمه في حياكتها، الجديده في ملبسها.. حسبت نفسي في بلاد الفرنجه أراقص فاتنات الباليه في موسكو وأمارس التزلج على ساحات الجليد في سويسرا وأشارك في حفلات الأزياءفي صالونات باريس..
آه منك أيها الرباط (المسدس)المقدس
هل نتعلم كيف نكون صديقين؟!..
وأنت تريدني أن أصادق النمله كي أتعلم الصبر دونما كلل..وتطلب مني أن أستهين بالموائد العامره دون علل..
منذ عرفتك أيها الرباط وأنا أشهق
(بالفهقه)وأبتلع ريقي وفؤادي يعاني (غصّه) وإذا زاد مقدار الماء (رشفه) انتابتني (مغصه) ولكن ماأن أتوقف عن الزاد حتى تزول آلام (القرحه)..وحينما أقف علي الميزان تنتابني (غبطه)
وعندما أنظر إلى المرآة تسري في جوارحي (نشوه) ولاتسل عني والناس ترمقني بنظرات الإعجاب وتكيل عليَّ عبارات الثناء والمديح يالها من فرحه مابعدها فرحه ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق