الأحد، 18 أغسطس 2013

أيتام الحرية


تم النشر في 2011/09/14
هل تعرف طعم الغيرة يا صديقي؟!

ذلك الصمت المتعجرف المختال على حافة البكاء؟

ذلك الركض على غير هدى داخل سراديب الأعماق؟

ذلك النمل الأسود الذي يشق دهاليزه في تراب قلبك بهدوء متوحش ويقرض شرايينك وهو يشيد امبراطورية القهر في روحك.. ذلك الجنون الذي نكره الاعتراف به، وحتى مجرد الحديث عنه..

هذا ما أحس به صديقي العربي السوري تلك الليلة وهو يتأمل شاشة التلفزيون الفرنسي بعين رجل آت من العالم الثالث، وأرى المذيع يعلن فوز ساركوزي بنسبة ساحقة هي %54 فقط لا 99.99، والغريب ان نتيجة الانتخابات لم تعلن سلفاً كما يحدث في بعض البلدان «السعيدة» عندنا، ولم يتلق أحد الدعوات (قبل شهر من الانتخابات) لحضور مهرجان تكريم المرشح «الفائز» الأوحد.

قال لي: لقد أحسست بالغيرة الكاوية وأنا أرى المواطن الفرنسي يذهب الى صناديق الاقتراع ويقرر من سيحكمه، أنا الرجل الذي عاش عمره وسيموت قبل ان يضع ورقة في صندوق الاقتراع، واذا فعل، كسواه في بعض بلادنا السعيدة، فخوفاً من العقاب لرفضه تأدية دوره على «مسرح الديموقراطية»، حيث الحوار مكتوب سلفاً والشعارات لونت وزينت، وصور «الفائز» طبعت، والانتخابات «طبخت» قبل ذلك بوقت طويل.

على أبواب البرد وقف طويلاً، وغادر أسوار مركز البوليس الرئيسي وهو يحمل بطاقة اقامة فرنسية لمدة عشرة أعوام..
ثم استرسل قائلا
لم أفرح، فقط خجلت منهم ومن نفسي، وانهمرت ذلاً وغصات أمام كنيسة نوتردام وبكيت على كتف احدبها، أنا الرجل الطالع من احتفالات عيد الجلاء والخلاص من «الانتداب الفرنسي»، تلقي به رياح العالم الثالث الهوج في عقر ديارهم ليتسول حق الالتصاق بهم، ويرجوهم «الانتداب» على بقية ايامه.

آه يا سوريا، صرخة ختام نرددها نحن أيتام الحرية.

أبو العز الحلبي

هناك تعليق واحد: