ت
تم النشر في 2011/09/16
يأتي هذا العيد بعد عشر سنوات عجاف..
انتهزت الفرصة القصيرة لأزور البلد في إجازة العيد، فرأيت عيداً من نوع خاص، ما إن وطئت قدماي أرض الوطن حتى التقت عيناي حراس المطار مصطفين فكّا مفترساً تلو الآخر، حاولت الابتعاد بناظريّ عنهم، فلم أستطع! لأن وهج الشعارات المعلقة داهمني من فوق كل جدار. حاولت جاهداً أن أنظر إلى أكبر صورة، فرأيت الزعيم الأوحد يقبّل أميرة للطفولة، فتتحول بفعل سحره من أميرة إلى ضفدع. استقللت سيارة تاكسي كادت تدهسني، وهي تبحث عن راكب من أمثالي، تطلعت عبر النافذة أبحث عن مكان محبب أزوره في العيد، فرأيت إشارات المرور كلها ختمت بإشارة «ممنوع الاتجاه»، فقررت أن استقل تلك الطريق الوحيدة الخاوية، وقد كتب عليها Graves land، فرأيتها فعلاً تقودني إلى زيارة المقابر. غادرت السيارة راكضاً في المقبرة الشاسعة، أقرع شواهد قبور أحبائي بطرف قلمي يطلعون منها ودمهم ما زال ينزف.. ويسألونني: لماذا استدعيتنا؟ هل تبدّل شيء، هل عادت أميرة الحرية من غيبوبتها، هل انتهت مهرجانات مصّ الدماء، وهل صار العيد ضيفاً مكرماً، أم ما زال مختلفاً في شوارع النباح والمسيرات العمياء؟! وأدفن نفسي في أكفان خجلي منهم، وأهمس بعار تلميذ كسول: لا.. لم.. ويعاتبني الأموات: إذاً لماذا استدعيتنا؟! وأنهمر أشواقاً وحزناً، وأنهال غصات وبكاء: لقد افتقدتكم.
أبوالعز الحلبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق