الثلاثاء، 31 أغسطس 2021

رائعةٌ لنزار قبّاني.. كانت ممنوعة...

رائعةٌ لنزار قبّاني.. كانت ممنوعة...
==========}}}}}===========
لمْ يبقَ فيهِم لا أبو بكرٍ .. ولا عثمان
جميعُهُم هياكلٌ عظمية في متحفِ الزمان
تساقطَ الفرسانُ عن سروجِهم
واعتُقِل المؤذنونَ في بيوتهم
واُلْغِيَ الأذان

جميعُهم قد ذبحوا خيولهم
وارتهنوا سيوفهم
وقدّموا نساءَهم هدية لقائد الرومان
ما كان يدعى ببلاد الشام يوما
صار في الجغرافيا...
يدعى (يهودستان)
اللهْ... يا زمان
...
لم يبقَ في دفاترِ التاريخ
لا سيفٌ ولا حِصان
جميعُهم قد تركوا نِعالهم
وهرّبوا أموالهم
وخلَّفوا وراءهم أطفالهم
وانسحبوا إلى مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تخنَّثوا
تكحَّلوا...
تعطَّروا...
تمايلوا أغصان خيْزران
حتى تظنَّ خالداً... سوزان
ومريماً.. مروان
اللهْ... يا زمان...
...
جميعُهم قد دخلوا جُحورَهم
واستمتعوا بالمسكِ، والنساءِ، والرَّيْحان
جميعُهم: مُدَجَّنٌ، مُروَّضٌ، منافِقٌ، مزْدَوجٌ.. جبان

هلْ ممكنٌ أن يَعْقِدَ الإنسانُ صُلحاً دائماً مع الهوان؟
اللهْ... يا زمان..
...
هل تعرفونَ من أنا؟!
مُواطنٌ يسكُنُ في دولة ( قـَمْعِـسْتان(
وهذهِ الدولة ليست نُكتة مصرية
أو صورة منقولة عن كُتُبِ البَديعِ والبيان
فأرضُ (قـَمعـِستان) جاءَ ذكرُها
في مُعجمِ البُلدان...
وإنَّ منْ أهمِّ صادراتِها
حَقائِباً جِلدية
مصْنوعة من جسدِ الإنسان
اللهْ... يا زمان...
...
هل تطلبونَ نُبْذةً صغيرةً عن أرضِ (قـَمعـِستان(
تِلكَ التي تمتدُّ من شمالِ أفريقيا
إلى بلادِ نـَفْطِستان
تِلكِ التي تمتدُّ من شواطئِ القَهرِ إلى شواطئِ
القتْلِ
إلى شواطئِ السَّحْلِ، إلى شواطئِ الأحزان..
وسيفُها يمتدُّ بينَ مَدْخلِ الشِّريانِ والشريان
مُلوكُها يُقرْفِصونَ فوقَ رَقـَبَة الشُّعوبِ بالوِراثة
ويَكْرهونَ الورقَ الأبيضَ، والمِدادَ، والأقْلامَ بالوراثة
وأول البُنودِ في دُسْتورها:
يَقضي بِأنْ تُلْغَى غريزَةُ الكلامِ في الإنسان
اللهْ... يا زمان...
...
هل تعرفونَ من أنا؟!
مُواطنٌ يسكُنُ في دولةِ (قـَمْعـِسْـتان(
مُواطنٌ...
يَحْلُمُ في يومٍ من الأيامِ أنْ يُصبِحَ في مرتبة الحيوان
مُواطنٌ يخافُ أنْ يَجْلسَ في المقهى..
لكي لا تـَطلـَعُ الدولة من غياهبِ الفنجان
مُواطنٌ أنا.. يَخافُ أنْ يقرَبَ زوجته
قُبيلَ أن تُراقبَ المباحثُ المكان
مٌواطنٌ أنا.. من شعبِ قـَمْعـِسْـتان
أخافُ ان أدخلَ أيَّ مَسجدٍ
كي لا يُقالَ أنّي رَجُلٌ يُمارسُ الإيمان
كي لا يقولَ المُخبرُ السِّرِيُّ:
أنّي كنتُ أتْلو سورةَ الرحمن.

الجمعة، 27 أغسطس 2021

فاطمة العذراء والمسيح المسلم

طفلاً، كنت أستمع عقب كل صلاة إلى ذلك الدعاء الذي ينغمه المصلون بصوت رخيم وهم يصلون على إبراهيم وآله، وعلى محمد وآله، ثم يختمون صلاتهم على الحسن والحسين وعلى فاطمة “البتول الزهراء”.
وكنت أتساءل عن معنى البتول والزهراء؟ وعلاقة هذه الصفات بفاطمة؟
كبرت قليلا وبحثت في معاجم اللغه ووجدت أن البتول ترد بمعنيين. المعنى الأول وهو “العذراء”،  والمعنى الثاني “المرأة المنقطعة عن الرجال”.
لكننا جميعنا نعرف أن فاطمة لم تكن عذراء، وأنها تزوجت وعاشت عمرا طويلا مع زوجها علي بن أبي طالب،  وأنجبت الحسن والحسين والمحسن.
إن المرأة العذراء الوحيدة التي أنجبت طفلا هي “مريم البتول”. فلماذا توصف فاطمة بنفس الوصف الذي أطلق على أشهر عذراء في التاريخ الديني؟
بحثت أكثر في الأدبيات الشيعية (والسنية أيضا!) ووجدت أن لفاطمة أوصافا أخرى مثل “سيدة نساء العالمين”، وهو أيضا أحد الألقاب التي أطلقت على مريم.
حسب الميثولوجيا الدينية المسيحية والإسلامية، فقد حبلت مريم بدون زواج وأنجبت عيسى؛ وهي، تبعا لذلك، سيدة نساء العالمين لأنها المرأة الطاهرة أم النبي التي لم يمسسها بشر.
فلماذا يا ترى هذا التشابه الكبير بين صورة مريم عند المسيحيين وصورة فاطمة عند الشيعة؟
بما أن مريم مرتبطة بالمسيح، وفاطمة مرتبطة بالحسين، عدت لأقارن بين تصور المسيحيين للمسيح، وتصور الشيعة للحسين، ووجدت كثيرا من التشابه والتماثل.
مات المسيح مصلوبا ومثل بجثته، ويقال إن الحسين صُلب أيضا ورفع رأسه على الرماح. بعد موت المسيح، تأسست المسيحية، بينما بعد موت الحسين، تأسست الشيعية.
قتل الحسين يوم الجمعة، وصلب المسيح يوم الجمعة، ولا يزال أتباعهما حتى الآن يحتفلون بمقتلهما في مسيرات طويلة من البكاء والعويل ولطم الرؤوس و نتف الشعر وشق الجلود بالآلات الحادة حتى تمتلئ أجسادهم بالدماء.
بل أن احتفالات كربلاء عند الشيعة منقولة حرفيا من احتفالات المسيحيين الشرقيين بأسبوع الآلام. إذا نظرت إلى صورة الحسين التي يرفعها الشيعة في مسيرتهم في إحياء ذكرى كربلاء، ستجد أنها نفسها صورة المسيح التي كان يحملها المسيحيون في مسيرات إحياء ذكرى الصلب.
لا يمكن أن ينكر أي قارئ في تاريخ الأديان علاقة التأثير والتأثر بين الديانات والمذاهب؛ فقد نقل بعض رواة سيرة نبي الإسلام من أحداث حياة زرادشت ما نقلوا، كما نسخ فقهاء الإسلام من التشريعات اليهودية ونسبوها للإسلام حتى كاد الإسلام أن “يتهود”.
ويبدو أن الأدبيات الشيعية أعادت صياغة قصة الحسين وفاطمة على نفس منوال قصة المسيح ومريم، حتى أن النسخ واللصق أدى الى إرباك صورة فاطمة والحسين عند الشيعة وملأها بالمتناقضات.
على سبيل المثال، كنت أتساءل في طفولتي عن معنى صفة “الزهراء” التي تطلق في البيئات الشيعية على فاطمة، واندهشت كثيرا عندما وجدت أن أحد معانيها هو “المرأة التي لا تحيض!”.
ولأن الحيض أحد علامات خصوبة المرأة وقدرتها على الحمل، فإن ادعاء عدم حيض فاطمة يقود إلى نتيجة أخرى غريبة هي أنها لم تحمل كما حملت بقية النساء (التلقيح) وإنما حملت حملا إعجازيا، مثلها مثل مريم البتول.
لكن إدعاء الحمل الإعجازي لفاطمة يرتبط بفكرة أخرى أراد متطرفو الشيعة زرعها، وهي “إلهية الحسين”؛ فالحسين نفخ في رحم فاطمة كما نفخ المسيح في رحم مريم.
بؤكد هذا الزعم تلك الخرافة المنتشرة ان عليا وفاطمة تزوجا في السماء وبعقد إلهي شهدت عليه الملائكة!
هنا، يتم نسخ الثالوث المقدس(الله، مريم، عيسى) إلى الثالوث المقدس الشيعي (علي، فاطمة، الحسين)؛ خاصة أن علي في الأدبيات المتأخرة للشيعة يكتسب بعض صفات الألوهية، فهو مثلا خلق قبل الكون وقبل الأنبياء، وتتحرك الكواكب بإرادته، ويحج إليه الأنبياء ويرجعون اليه!
هل هذه كل التشابهات بين مريم وفاطمة  وبين الحسين والمسيح؟
هناك شيء آخر يجمع بين فاطمة ومريم، هو النسب الأمومي.
فعيسى منسوب لأمه وهذا معروف للجميع.  لكن الحسن والحسين منسوبان لأمهما أيضا (النسب الفاطمي)، وهذا شيء استثنائي في مجتمع ذكوري، وفي ظل معرفة هوية واسم الأب.
إن الانتساب للأم كان ضروريا من أجل ادعاء أن الحسن والحسين هما “أبناء الرسول”، بينما هما في الحقيقة أبناء علي، وأبناء أبي طالب، جدهم الذي مات ولم يعتنق الإسلام.
يبدو أن هذا أحد الأسباب التي أغرت فقهاء الشيعة لنسخ سيرة مريم والمسيح “الأمومية”، وإعادة زرعها في اللاهوت الشيعي بكل المتناقضات التي تحملها (وهل هناك فكر ديني لا ينفجر بالمتناقضات)؟
ارتبط المسيح بالفداء، مثلما ارتبط الحسين بالفداء. لكن هناك فارقا جوهريا بين الفدائين.
لقد مات المسيح فداء للمؤمنين به، وخلص العالم من عبء الخطيئة، حسب التصور المسيحي. لهذا، ليست هناك حاجة لأن يموت المسيحيون أو يستشهدوا فداء للمسيح، فدم المسيح فداء لكل الدماء.
أما بالنسبة للحسين، فالأمر مختلف. لقد مات الحسين لأن أنصاره خذلوه ولم يفدوه.
لهذا، لابد لأتباعه أن يكفروا عن خطيئتهم الأبدية، وهذا التكفير لا يكون إلا بالموت والاستشهاد: “ثأر الحسين” وتقديس فكرة الموت والشهادة، فكل شخص يؤمن بالحسين يجب أن يموت تكفيرا عن خطيئة خذلان الحسين في كربلاء.
الفارق بين الفدائين هو الفارق بين مسيحية اليوم، وبين شيعية اليوم التي وقعت في مصيدة الموت والدم، ولن تخرج منها إلا بإعادة فهم ورسم صورة الحسين بعيدا عن أساطير الولاية والشهادة والإصطفاء.
...................
نشر هذا المقال في موقع مرايانا، واكتشفت ان تساؤلاته اغضبت السنة مثلما اغضبت الشيعة!!
14 فبراير 2019

الثلاثاء، 17 أغسطس 2021

أول أحاسيس العزاء لأعز مخلوق من النساء

أول أحاسيس العزاء لأعز مخلوق من النساء

وضعت إصبعي على جرس الباب.. قبل أن أضغط على الجرس توقفت .
فتحت حقيبتي وأخرجت منها المفتاح.
أدرت المفتاح في القفل عدة مرات قبل أن ينفتح الباب على مدخل تتوزع منه غرف البيت…
اتجهت إلى  الممر  المؤدي إلى غرفة الجلوس؛ بلا تفكير اتجهت إلى برّ الأمان.
هذا الممر كان بالنسبة لي بمثابة الجدار الفاصل… كلما مررت منه، خلعت أحزاني خلفه؛ وعبرت…. 

كنت في أقصى درجات التوتر؛ قلبي يدق بسرعة،  يداي ترتجفان، ورجلاي بالكاد تحملاني…
بفكر مشتّت وساقين مرتجفتين استطعت أخيراً الوصول إلى غرفة الجلوس. كانت هناك.. وجدتها مُسمّرة في مكانها المعتاد.

نور ساطع تفشّى داخل الغرفة واستقر .
بدت لي وكأنها ملاك… لا يمكن لها أن تكون  إمرأة من فصيلة البشر!
وجهٌ صبوحٌ  مكلّل بتاج من شعر فاتح زادته الشعيرات البيضاء المتداخلة فيه بهاءً ووقارا… بشرةٌ ملساءٌ متوهّجة  ببياضٍ ناصع تشوبه حمرة الورد… بشرة تضاهي بشرة الصبايا بنقائها وجمالها… ارتدتْ ثوبها الأخضر المخملي المطرز بخيوط الذهب… رسمت على وجهها ابتسامتها الهادئة التي لم تفارق محياها إلا فيما ندر… هل هي ابتسامة الرضا والسلام، أم ابتسامة التسليم التي تتستر بواسطتها على الآلام ؟!

رفعتْ وجهها.. نظرت إليّ بحنان... حاولت أن تقول شيئاً، ولكنها كانت عاجزة عن التعبير والكلام.

تأملتها وقلبي يتوق شوقاً لاحتواء تلك الكتلة من النور بين يدي؛
عينان واسعتان غُسلتا بزرقة السماء… وجهٌ مشرقٌ بنور القلب وجمال الخَلق وصفاء النفس.
رائحة عَطِرة غمرت المكان… اختلط الأمر عليّ، هل  هل هو وشاحها الموسلين الذي اعتادت أن تكلله بقطع الصابون المعَطّر بالغار؟ أم عبير زهور المضعف  الموضوعة على الطاولة المستديرة إلى جانبها؟! 

تسمّرتْ في مكانها أمام شباك عريض احتل مساحة واسعة من الحائط… لوح الزجاج خلفها كثيراً ما كان يتركني في حيرةٍ من أمري.. كيف لزجاجٍ هش قد يتهاوى أمام أقل الصدمات، أن يتمكن -حتى الآن- من المحافظة على هذا القدر من النظافة والنقاء؟!
نافذتُها لم تتمكن منها الأقذار، ولم تتلطخ بالسواد والسموم المبثوثة حولها في الأجواء !
من خلف الزجاج بدت لي شجرة الليمون… شجرة انحنت أغصانها بمرور الأعوام، لكن بذورها الطيبة داومت على طرح الثمار !  

تقدمتُ نحوها… انحنيت على وجهها لأقبلها…
لم أجد سوى الفراغ 

اهتزّ  هاتفي المحمول وأصدر صوتاً يعلن وصول رسالة ما!
أخرجته من جيبي… قرأت الرسالة على مضض:
"إذا وصلتِ البيت قبلي، أرجو أن تباشري بفتح الستائر والشبابيك… حاولي تحضير  فناجين القهوة قبل وصول المُعَزّين!

مع تلك الرسالة انهار جدار الأمان! 
   ——————————
اللوحة للفنان الدانمركي  :
( Carl Vilhelm Holsøe (March 1863 – November 1935)

الثلاثاء، 20 يوليو 2021

وصية حافظ الأسد إلى ابنه بشار

استفسرت احد أعمدة حكم  الاسد
عن سبب بعض تصرفات  بشار الاسد  قبل عام ٢٠١١.

مثلا هذا الغرام بين بشار الأسد وأردوغان الى درجة فتح معها الحدود للاتراك وإنتاجهم  وأعطاهم الأفضلية التجارية والجمركية حتى على الدول العربية وامتد ذلك الى أفضليات في السياحة والى رفع التجميد عن املاك الاتراك في سورية دون اشتراط رفع التجميد على املاك السوريين في تركيا وحتى اختراق منع الزيارات الرسمية الى تركيا منذ عام ١٩٣٩؟

يومها قال لي ( هذا جزء من وصايا حافظ الاسد لابنه بشار)
قلت فسرها. اذا شئت
قال : أوصاه ان لا يغضب تركيا لأنها تستطيع ان تطلق ثورة او انقلابا عليه
من الشمال وان لا يغضب اسرائيل في الجنوب لأنها تستطيع ان تطيح به وتسقط حكمه ولا احد سيترحم عليه او يحتج  وان لا يغضب تجار الشام  ومشايخها بل يشتريهم ..

الآن نيتنياهو  يهدد الاسد بأنه قادر ان يسقط حكمه في ساعات

والان اردوغان يسلح جيشا تحت اسم الجيش الحر ويزوده بما  لم يزود  سابقا بمثل هذا السلاح ويدفعه في استطلاع بالقوة في ريف حماة كمقدمة ورسالة !

على الحدود مع اسرائيل ما يزال الاسد يحترم الوصية ولا يرد على أي غارات اوتدخل استهدف ايران  ويعلن انه المستهدف كذبا  وانه  سيرد في الوقت المناسب ولا يرد ابدا لكي لا تغضب عليه !

في الشمال قد يغير  الاتراك قواعد اللعبة
وهذا سيجعل وهم الحسم العسكري  من الماضي  أو قد تنتقل عدوى الحسم الى الجانب الآخر !

وأوصاه ان يتمسك بالتحالف مع مصر والسعودية تؤمنان له الحماية والدعم حين
يضطر الى مذابح مع معارضيه من الاخوان
المسلمين.
المشكلة انه بدلا من التحالف مع السعودية ومصر ذهب للتحالف مع ايران  ضد المحيط العربي فلم يعد هناك من يغطي على وحشيته بل انتج ما هو في خانة العكس !

وأخيرا أوصاه خيرا بتجار الشام ومشايخهم
فأساء اليهم  واستلب اكثر  حقوقهم ووظفهم أُجَراء عند رامي مخلوف واستقدم بهلواناً من حلب وسلطه مفتياً  على كرام مشايخهم !
فإذا ماانفجرت الدنيا في وجهه .. عندها من سيسأل
هل كان حافظ الاسد على حق  أو ذكاء في وصاياه؟
هذا هو السؤال
١٢–٦-٢٠١٩

السبت، 3 يوليو 2021

▪هل فكرت لماذا مواقع التواصل مجانية .. ؟!

▪أعجبنى و أبهرنى جداً مقال للدكتور/ عمر عبد الكافى بدايته سؤال :
▪هل فكرت لماذا مواقع التواصل مجانية .. ؟!
▪مقال جميل جدا جزى الله من اعده خيرا
▪الجواب :
عندما لا تدفع ثمن البضاعة فأعلم أنك أنت (البضاعة)...!!
فأنتبه للأمر و تفكر فيه ..
‏الجوال من أخف ما يكون حملا و وزنا بالدنيا و لكن قد يكون من أثقل ما يكون وزرا و حملاً بالآخرة فلنحسن إستخدامه
" عبارة تختصر الكثير"
▪إن جوجل و الفيس بوك و تويتر و الواتساب و جميع برامج التواصل بحرٌ عميق ضاعت فيه أخلاق الرجال ..!!
و سقطت فيه العقول !!
منهم الشاب ...
و منهم ذو الشيبة ... و ابتلعت أمواجه حياء العذارى .. و هلُك فيه خلقٌ كثير ...
▪فإحذر التوغل فيه و كن فيه كالنحلة لا تقف إلا على الطيب من الصفحات لتنفع بها نفسك أولاً ثم الآخرين .
▪لا تكن كالذباب يقف على كلّ شيئ الخبيث و الطيب فينقل الأمراض من دون أن يشعر ..
▪إن الإنترنت سوقٌ كبير و لا أحد يُقدم سلعته مجاناً !
فالكل يريد مقابلا !
▪فمنهم من يريد إفساد الأخلاق مقابل سلعته ..!!
▪و منهم من يريد عرض فِكره المشبوه ..!!
▪و منهم طالبُ الشهرة ..!! و منهم المصلحين ..
▪فلا تشتر حتى تتفحص السلع جيدا ..
▪إياك و فتح الروابط فإن بعضها فخٌ و تدبير و شرٌ كبير و هكر و تهكير و دمارٌ و تدمير ..
▪إياك و نشر النكات و الإشاعات واحذر النسخ و اللصق في المحرمات .
▪و إعلم أن هذا الشيء يُتاجر لك في السيئات و الحسنات فإختر بضاعتك قبل عرضها .. فإن المشتري لا يشاور .
▪قبل أن تعلّق أو تشارك فكّر
إن كان ذلك يُرضي الله تعالى أو يغضبه ..
▪لا تُعول على صداقة من لم تراه عينك ..!!
▪و لا تحكم على الرجال من خلال ما يكتبونه .
فإنهم متنكرون !!
فصُورهم مدبلجة ..!!
و أخلاقهم مجملة ..!!
و كلماتهم منمقة ..!!
يرتدون الأقنعة ..!!
و يكذبون بصدق ..!!
▪فكم ممن تسمى رجل دين والدين منه براء ..!!
▪و كم من جميل هو أقبح القبحاء ..!!
▪و كم من كريم هو أبخل البخلاء ..!!
▪و كم من شجاع هو أجبن الجبناء ...
إلا من رحم الله ..
فكن ممن رحم الله .
▪إحذر الأسماء المستعارة .. فإن أصحابها لا يثقون في أنفسهم ... فلا تثق فيمن لا يثق في نفسه ... و إياك أن تستعير إسماً فإن الله تعالى يعلم السر و أخفى .
▪لا تجرح من جرحك فأنت تمثل نفسك و هو يمثل نفسه .. و أنت تمثل أخلاقك و ليس أخلاقه ..
▪فكل إناءٍ بما فيه ينضح .
انتقِ ما تكتب ..
▪فأنت تكتب والملائكة يكتبون و الله تعالى من فوق الجميع يحاسب و يراقب .
▪إن أخوف ما أخافه عليك في بحر الإنترنت الرهيب هو مشاهدة الحرام و لقطات الفجور و الانحراف فإن وجدت نفسك قد تخطيت هذه المحرمات فاستفد من هذا النت في خدمة نفسك و التواصل مع مجتمعك واسع في نشر دينك و إن رأيت نفسك متمرّغا في أوحال المحرمات فإهرب من دنيا الإنترنت هروبك من الضبع المفترس فالنار ستكون مثواك و سيكون خصمك غدا مولاك .
▪إن من أهم مداخل الشيطان الغفلة و الشهوة و هما عماد الإنترنت..
▪و اعلم إن هذا الشيء لم يخلق لغفلتك إنما لخدمتك .. فاستخدمه و لا تجعله يستخدمك .. و ابنِ به و لا تجعله يهدمك .. و اجعله حجةً لك لا حجة عليك ..
▪نسال الله الهداية و التوفيق لنا و لكل من قرأ هذه الكلمات ...
▪ أنشرها إن شئت ، إن اردت الأجر والثواب.

الأربعاء، 19 مايو 2021

الهمجي والنذل وحروب السلالات .د . نزار العاني .

كان يا ما كان ، في قديم الزمان .
كان جالساً في عتمة مغارته ولم يكن قد اكتشف بعد مانسمّيه في أيامنا هذه  فضيحة العُرْي ، ولم يكن قد تَهجّى بعد معنى العَيْب ، وكانت كل مقومّات حياته تتلخص بلقمةٍ تقيهِ من وطأة الجوع ، وجرعة ماء ، وهراوة للطوارئ ، وحين خرج إلى الضوء والنور قرر أن يعيش على شجرة ، ويتداوى بالتمرغ في الطين ، وبالتجربة والخطأ وبشيئ من الإلهام اكتشفَ النار ولمس مقدار السحرالمخزون  في حجر الصوّان ، وحين بالمصادفة وقع جزء صغير من طرائده في النار ، وشمَّ رائحة الشواء ، تحوَّلَ من فنانٍ  متوحشٍ شاردٍ ينام ويمارس الجنس ويرسمُ بلاهاته على جدران كهوف "دورودوني" إلى  مجرّد متحضر نذل  . 
كان جدّنا الإنسان حيواناً نبيلاً لا يعرف الطمع ، ويتوقف عن الصيد حين يشبع ، ويكف عن اشتهاء المرأة العارية الجالسة إلى جواره بمجرد نظرة غاضبة من مالكها الموصوف بأنه "نياندرثال" ، وهذا الأمر موثَّق بالفلم العبقري "حرب النار" . وشيئاً فشيئاً يستر جدّنا عورته ، ويتعلم كيف يزرع وكيف يخبئ غلال الأرض لنفسه ، ويحرم جاره من الغلال حين ينهشه  الجوع ، فيضطر الأخير  مُرْغماً على تناول وتبادل وجبات القمل المنتشر في رأسه ورؤوس أفراد عائلته ، وفقاً  لما كتبه وِلْ ديورانت في "قصة الحضارة" . 
 كان أجدادنا  المتحيونون  البدائيون القدماء الأوائل  يضعون  مرضاهم بعناية في أماكن مكشوفة ، كي يداويهم الذي يستطيع من بين العابرين ، أي أنهم كانوا يعرفون معنى الشفقة ، ويناضلون ضد الألم .  لكن هذا الجد الهمجي ، حين ارتقى عقله البدائي قليلاً وتعلم السحر ، اقتضى ذلك منه لإثبات سطوته أن يأكل لحم أخيه ، وعودوا إن شئتم إلى كتاب ليفي بريل "العقلية البدائية" لتتبينوا كيف تحول جدّكم  وجدّي  من همجي محترم إلى نذل ! واحتاج الأمر فقط إلى حوالي 30  ألف سنة .
الإنسان وحده من بين كل الحيوانات الأخرى يرتقي وينحط .  هكذا ينظر  أرنولد توينبي  للإنسان في كتابه "تاريخ البشرية" ، فهو يرتقي وينحط بالتناوب ، من همجي محترم إلى نذل كما أسلفت ، وفقاً لعوامل التحدي والإرتخاء . تفكير سليم ، ولكنني أضيف إلى الأسباب سبباً مهماً هو موضوع السلالات منذ تلمست في طفولتي صراخ أهل دير الزور وسلالاتهم الخالدة : البكارة ، الخرشان ، البورباح ، المعامرة .
النحل نحل ، والنمل نمل ، والحمير حمير ، والأفيال أفيال ، وكل فرد من هؤلاء لايعي أية فروق أو صفات داخل السلالة ، ووحده الهمجي المحترم تورط وبدأ يعي ويكتشف فروقاً هائلة بين أفراد السلالة الواحدة وفي السلالات السبع وفقاً لتصنيف "تشيبوسكاروف" ، أو الأنماط الـ 48 وفقاً لتصنيف "بوناك" ، وكلما اتسعت قاعدة الإختلافات : لون البشرة ، الأنف ، بروز الفك ، الشفة ، حجاج العين ، ازدادت عدوانيته وتقهقر إلى نذل ! ويأتي الإنثربولوجيون الأوغاد ، وينفتح بمجيئهم جحيم تصنيف الإنسان  على مصراعيه ، ولا يبقى الموضوع مقتصراً على النياندرثالي والكرومانيون فحسب ، بل أضيف إليهما : الجاوي ، البولينيزي ، الأسترالي ، الميلانيزي ، التاسماني ، الزنجي ، الأوروبي ، المغولي ، الهندي ... صار الهمجي المحترم نذلاً  ، وانحط  الهمجي بعد ارتقاء مؤقت بعد تفشّي جائحة  الداء السُلالي .
الهمجي المحترم وخلال مليون سنة لم يدخل في حروب إبادة طاحنة لبني جنسِه . حين صار نذلاً ارتكب حروب إبادة ، فأباد الرجل الأبيض كل الهنود الحمر في أمريكا ، وأباد الرجل الأبيض أيضاً الأسترالي القديم ، وصارت الحروب عادة والنذالة خُلقاً . 
هكذا صار التاريخ الإنساني تاريخاً لمحطات النذالة ، وتاريخاً لسِيَرِ الأبطال الأنذال : من جنكيز خان إلى نابليون ، ومن الإسكندر المقدوني إلى هتلر ، ومن ماركوس أنطونيوس إلى جورج بوش الإبن . قياصرة وكساسرة وجنرالات . وكلما تناسلت السلالات الكبرى إلى سلالات فرعية أصغر ، وكلما أُضيف إلى الفروع سمات  عِرقية وفكرية وعقائدية وطائفية ومذهبية وحزبية استعرت نيران الحروب بين الأنذال . 
ـ من أجل تصحيح أوضاع سلالة ذوي البشرة السوداء اندلعت الحرب الأهلية  الأمريكية ، ولعلكم تذكرون الفظائع التي صورتها هوليود في تلك السنوات الغابرة .
ـ  في أوروبا ، غاليُّون وفايكينغ وجرمان وسكسون مع قليل من التوابل الكاثوليكية والبروتستانتية ، وعائلات ملكية وكنائس وفقراء ، وكل هذه الخَلْطة محقونة بمصل السلالات ، وبسببها ، اجتاحت أوروبا حروب أهلية وثنائية فتكت بمئات الآلاف .
ـ  سلالات فاشية ونازية وشيوعية واشتراكية والمزيد من الحروب النذلة . حروبُ سلالاتٍ آثمةٍ في كوريا واليابان . 
ـ سلالتان  قبليتان في رواندا مدججتان بالحماقة والغباء ، هما الهيتو والتوتسي ، حيث أقدمت السلالة الأولى على ذبح 800 ألف من السلالة الثانية خلال 100 يوم وبالسواطير المستوردة من الصين ، وتفاصيل الإبادة تجدونها في كتاب فنسان نوزيل "أسرار الرؤساء" .  
فماذا يمكننا القول عن سلالة قحطان وعدنان وعن تاريخ "جندب" العربي التليد ؟؟
في  أيام الجاهلية المشرقة كنا قبائل كبرى أو"جماجم" معدودات كما تقول العرب : غطفان وكنانة و هوازن و تميم و بكر بن وائل و عبد القيس       ومذحج و قضاعة والأزد . بين ثماني وتسع سلالات فقط ، ولذا كانت الغزوات والحروب أقل . 
تناسلت وتوالدت وتصالبت وتهاجنت وتراكبت  السلالات اليعربية  وباضَتْ فانكشف المستور ، وإذا بـ " خير أمة أخرجت للناس"  تُشيد صرحاً هائلاً للنذالة ، أي الكل يشن الحرب على الكل في الثلاثين سنة المنصرمة : حروب أهلية  متواترة في لبنان والجزائر والصومال والسودان والعراق وليبيا واليمن وسوريا ، وكل سلالة تقاتل أختها ، ولكل سلالة  أعلامها وجيناتها ومراجعها وشيوخها وأمراؤها وعقائدها وطوائفها ومساجدها وحسينياتها وكنائسها .
سلالات لا تُعَدّ ولا تحصى . مسلمون ، مسيحيون ، سُنَّة ، شيعة ، علويون حدادون وخياطون ، دروز ، موارنة ، أرمن ، أرثوذوكس ، وهّابيون ، حوثيّون ، أباضيون ، أكراد ، تركمان ، شركس ، أفغان ، شيشان ، كلدان ، علمانيون ، قوميون، اسماعيليون ، ليبراليون ، ديمقراطيون ، بعثيون ، شيوعيون ، أخوان ،  ديريون ، حماصنة ، أدالبة ، دوامنة ، حوارنة ، جبهة نصرة ،  داعش ، وسرايا وكتائب بالمئات . 
سلالات تدين بديانة الأميركان ، وأخرى تلتحق بالركب الروسي ، ومن تنسق مع السعودي ، ومن تحلف بشرف الإيراني ، ومن تتوضأ بـ         " إيفيان" الفرنسي ، وواحدة ترطن بالإنكليزية ، والذين على التخوم الشمالية يهزون رؤوسهم ويسبّحون قائلين بالتركية : شيكّوزال ، وإذا انسحبوا قليلا نحو الشرق وإلى رأس العين وقامشلو ردّدوا بالكرديّة : ياخوديه . 
بدينكم هل هذه أمّة أم مزاد ؟؟ 
 وإذ تختلط اللغات الصريحة بتقارير الإستخبارات ، والأديان بقناع الهرطقات ،  وأولاد الذوات باللقطاء ، والأساتذة بالجلاوذة ، والجهل بالمعرفة ، والوطنية باللصوصيّة، والعهر بالبطولة ، وحيث يحدث ذلك ، يمر الأنذال بسهولة ليشعلوا الفتن . أليس هذا ما يحصل اليوم في الخراب الممتد من دوما إلى دير الزور ؟؟
 وحين تذوب معاً كل الأشياء وتتداخل وتتشابك وتتقاطع :  المآرب والخوّات والحشيش والسلاح والويسكي والمقالات التي تُنَظّر  لمسيرة الحرية والعدالة ، يمكن للنذل أن يتسلل من وراء ظهرك ، ليلقي إكسير نذالته على أشلاء كل "القتلى"  في كل الجبهات ومن كل السلالات  ، ويضحك في سرّه حين يدفنهم في قبور النسيان ، وبعد المشاركة في طقوس جنازاتهم ، يجتمع  النذل مع الأنذال الآخرين بعيداً عن العين ، في ثكنة أو سرداب أو غرفة داخل فندق فخم ذي خمس نجوم (*)، ليقوموا بإحصاء  عوائدهم الماليّة ، في الوقت نفسه الذي يسيل فيه دم الأتقياء الشرفاء الأبرياء الذين لاحولَ لهم في لعبة الأقوياء الكبار . 
أيها الهمجي المحترم : قف على باب مغارتك المعتمة وابصق على كل تجار الدم  الأنذال الذين يديرون رحى حروبنا العبثية في كل مضارب العرب وتحت سقوف خيامهم ، واغسل يديك من نتن السلالات ، واعطني  فسحة من الوقت لأشرب فنجان قهوتي ، وأعالج صداع رأسي بحبّة أسبرين ، كي أعود إلى مغارتك التي لاتحمل ولو نجمة (*) واحدة  ، لعلّني أنام نومة أهل الكهف على مقربة منك ، وأحلم بسقوط السلالات جميعاً ، وأحلم أيضاً بكنس النذل المتشبّث بأذيالي !!! 
الكويت 15/5/2014

رد ‏على ‏مقالة ‏د.نزار ‏العاني ‏بعنوان الهمجي ‏والسلالات

رحلة المليون سنه 
من الياذة نزال الأبطال مع الآلهة المبتَدعه 
إلى أوديسة النذاله بين العصابات المخترَقه
أجدتَ وأبدعتَ حين استعرضتَ وسردتَ 
كان هذا نزار من نور تخلل عبر أصلاب الإنسان على مدى الزمان
متميز بلين الحزم في القول واللباقة في السرد.. فصاحب الإسم ذو لسان طيب وكلام عذب. 
يقف بجوار من يحتاجه ويساعده ويمد يد العون للجميع يتميز بالمرح والبشاشة ويدخل البهجة والسعادة على من يعرفهم. 
إنسان قوي يتمتع بالصبر والعزيمة ولديه القدرة علي تحمل المسئولية ويُعتمد عليه.  
يتميز بالوسامة والأناقة.. يهوى الممارسة  كمثقف.. يحب القراءة والإطلاع في كل مجالات الحياة كما أنه يعشق سماع أحبته ويحلو بحلاوة معشرهم.. اجتماعي محبوب من الجميع يتميز بالنجاح والتفوق
 طموح يكره الفشل ويحب أن يكون مميزا ومتفردا. شخصية نشيطة ممتلئة بالحيوية والتفاؤل 
 شخص يثق كثيرا في نفسه ويعتز بكرامته
هنيئا لنا بك في (نزرك ونثرك )ودمت لنا ذخراً في (عنائك ونبلك)...

الأربعاء، 31 مارس 2021

هي الحياة مد وجزر ‏ ‏ لغاده رفاعي ‏رستم ‏

دعك من الحزن صديقي
هي الحياة مد وجزر
سماؤنا يوم هلال،،،، ويوم بدر
والعمر موج بحر
يوم  صاف،،، ويوم غدر
فرحة قد يتلوها قهر
وعتمة يبددها فجر
قد نمسي على حزن وكدر
ونصحوا على نور وزهر 
فلا تياس وتجمل بالصبر
لا شيء يدوم 
هو العمر مد وجزر

الخميس، 25 مارس 2021

أطالبكم بالكتمان

 د. نزار العاني
تقديم :
بدأتُ الكتابة والنشر في جريدة الثورة السورية وأنا في مطالع العشرين من العمر ، دون واسطة ،إذ كنت أتهيّب الدخول إلى جريدة يدير ملحقها أدونيس وياسين رفاعية وشوقي بغدادي ومعين بسيسو و كمال أبو ديب لأتوسط لكلماتي فرصة المرور، وذلك لخوفي من لقاء أحدهم وهم الأيقونات الأدبية لذلك الزمان (1964) ،  ومع ذلك نُشرت وتسربت لي مقالات على صفحة كاملة ، وكتبتُ ونشرتُ خلال ستين سنة ما يكفي لإصدار عشرات الكتب وأحجمت عن فعل ذلك ، وما أزال أكتب ، وأعترف دون خجل ، بعد تجربة ثقافية واسعة ، وتحصيل معرفي وأكاديمي جاد ورصين ، أن قناعاتي القديمة حول جدوى الكتابة والثقافة قد انحرفت وتبدلت تماماً واستدارت كما سأشرح !
رؤى الماضي البعيد :
في العاشرة من العمر تلمست يداي كتاب (الزاد) ، وهو كتاب مدرسي أدبي لأحد أشقائي  للمرحلة الإعدادية آنذاك (1952) يضم المعلقات وغيرها . وبهرتني كتب عظيمة في خزانة كتب بيتنا ، أحدها لعبد الحق فاضل عن عمر الخيام الفلكي الرياضي والشاعر الكبير ، وكتاب لشكيب أرسلان ، واعترافات جان جاك روسو ، وروايات وقصص ومجلات فنية ( مجلة حواء لشقيقتي ، والفصول والمختار ) ، وكان أن أصبتُ بعدوى وباء ومرض القراءة طفلاً صغيراً ، ولم ينصحني أحد بأخذ اللقاح المناسب ، وهكذا تحولتُ إلى معوّق ومن ذوي الاحتياجات الخاصة لمصل الثقافة وفيتامينات المعرفة إلى يومنا هذا وأنا في الثمانين ، وتفاقمت الحالة إلى داءٍ عضال حملته جينات الإغريق واستوطن أثينا ، واسمه الفكر ، وإذا استعصى على الشفاء تطور إلى فلسفة .
ذلك الشغف المرضي والإعاقة المبكرة تحولت عندي إلى عقدة نفسية . كل من لا يعرف شكيب أرسلان ، ولم يسمع باسم عمر الخيام ، وخانته ظروفه ولم يقرأ جان جاك روسو، هو عندي  (سبيعي) لم يكتمل حمله في رحم أمه ، وأورثني هذا الوضع الشعور العميق بالغربة عن أقراني . 
وتكرست ورطتي حين عصف بي شعور التقديس لكل منمنمات :
1- الثقافة 
2- المعرفة 
3- العلم 
4- الفكر
5- الفلسفة

 وأن الإيمان بهذه العناصر هي أركان الحياة الوطيدة ، وغيرها قبض الريح ، وجنحَ عقلي إلى رؤى خيالية ، وأحيانا زائفة ، تجعل المثقف عندي بمرتبة قديس ،  والعارف ببردة نبي ، والعالم عندي فوق الأولياء ، والمفكر بهيئة قائد ، والفيلسوف سيد العقل والحكمة . وأعلن اليوم إنني  في حِلٍ من هذه المقولات المهترئة ، وأكملوا القراءة  لتعرفوا السبب ، ويزول العجب !
رؤى الحاضر الجديد :
وأنا أغط في نومي العميق والعتيق ،  هانئا بأحلام يقظة تتسامى بالثقافة إلى سدرة المنتهى ، وإذ بالربيع العربي يفاجئ أحلامي بداعش وأخواتها ، ويتدفق في واقعي المرئي المشخص والمحسوس أنهار من الدم ، وتغمرني بحيرات يمخر في مياهها تماسيح الفتنة والضلال ، ويلعلع صوت الرصاص وأزيز الطائرات وصدى المدافع الهادرة ، وانفجارات الألغام ومشاهد قطع الرؤوس ، والذبح على الهوية ، وقصف الشعارات والشعارات المضادة ، وإذ بعمر الخيام ملاحقاً وملعوناً وكافراً ومجوسياً وفارسياً يداهمه النيروز بقطع لسانه وتكفير خمرياته ، وإذ بشكيب أرسلان الدرزي وواسطة عقد مؤلفاته (حاضر العالم الإسلامي) تحت أحذية التطرف والتكفير والتكبير، وإذ بـ (العقد الاجتماعي) لجان جاك روسو تنفرط حبّاته إلى يهودي ومسيحي ومسلم ، وينفرط الإسلام إلى 73 فرقة ، يقال واحدة ناجية ، والأخريات داجية وساجية وهاجية وراجية وعاجية .....
فكيف لي أن لا أراجع مواقفي وقناعاتي وآرائي وأستقيل من جمهورية الجهل ؟ واسمحوا لي إذن أن أغادر (رؤى الماضي البعيد) غير نادم ، وأنفض يدي من (رؤى الحاضر الجديد) غير آسف ، وأنحو صوب (رؤى المستقبل البليد) لعالم تنهار قيم ثقافته ، وتهتز أركان معرفته ، وتتعقد إشكاليات علمه ، وتتردّى مقومات فكره ، وتنمحي معالم فلسفته ! 
لقد قالها ت. س إليوت في قصيدته " الأرض اليباب" حين وصف الأرض وصرخ بوجع : (أي الغصون تنمو في هذه المزبلة الصلبة؟). وكثيرون من المثقفين المعاصرين يرتابون من مزبلة عصرنا الملعون هذا ، وأنا منهم .
 يكتب المفكر أمين معلوف في كتاب "الهويات القاتلة، ص 138" : (لا شك أن الريبة هي إحدى المفردات الأساسية في عصرنا :الريبة من الإيديولوجيات ومن الغد المشرق ، الريبة من السياسة والعلم والعقل والحداثة ، الريبة من فكرة التقدم ومن كل ما آمنا به خلال القرن العشرين عملياً ). وليس غريباً هذا التشاؤم المنطقي لكاتب مثقف مثل أمين معلوف ، شرح في كتابه "اختلال العالم" أسباب هذا الاختلال بالتفصيل .
 وأنا أرى سبب اختلال العالم  في تهميش الثقافة والمثقفين ، وتسطيح المعرفة والعارفين ، وتجاوز العلم والعالمين ، ونبذ الفكر والمفكرين ، ونحر الفلسفة والمتفلسفين ، وقمع الأدب والمتأدبين ، من جهة ،  وإعلاء شأن التجارة والمتاجرين ، وتصعيد العسكرة والعسكريين ، ورفع الصناعة والصناعيين ، وطغيان الحروب والمتحاربين ، وتشريف الزيف والزائفين ، من جهة ثانية !
إن عالم الصيارفة والبنوك واللصوص والمرابين والمهربين  ومتاريسهم ودكاكينهم ، لامكان فيه للثقافة والمثقفين ، ولا مكان فيه للشعر والشعراء ، ولامكان فيه للأدب والأدباء ، ولذا فأنا أعلن حزني وخيبتي وأسفي على حراثتي في بحر الثقافة لستين سنة دون أن أحصد سنبلة واحدة ، وأعلن انسحابي من فضاء الثقافة الرائع ، وأترك الساحة لأصحاب الشأن من الأكابر المحترمين : المثقف الكبير سامر فوز ،  والعارف النطاسي وسيم قطان ، والعالم اللوذعي علي أبو خضر ، والمفكر الكبير  نبيل نفيسة ، والفيلسوف القدير بوز الجدي .
وبالأصالة عن نفسي ، ونيابة عن بعض المثقفين الراحلين من الديريين حصراً كي لا أتجاوز حدود محافظتي ومسقط رأسي فيعتب علي أهل السلمية مثلاً :
 المثقف  الفقير ياسين الحافظ ، والعارف الفهيم اسماعيل العرفي ، والعالم الرياضي صباح بقجه جي ، والمفكر الشهير جلال السيد ، والفيلسوف الحكيم محمد الفراتي ، والأديب الألمعي سعد صائب ، نعتذر ونستقيل من (المزبلة الصلبة ) كما سمّى  ت.س إليوت أرض المعمورة ، وننسحب من عصرنا ،  أنا والذين جرى ذكرهم أعلاه من أهلي وعشيرتي ، ونطلب منكم السماح  عن موقفنا المتخاذل والمتراجع والنكوصي  ، وأعدكم وحدي بالتراجع عن استقالتي من جمهورية (باب الحارة)  ،  إذا فاز نادي الفتوة ببطولة كأس العالم للأندية ، وباض الديك الفرنسي ، وطارت الدجاجة اللبنانية من مطار رفيق الحريري إلى مطار شارل ديغول !!!!! 
 وأستحلفكم أن تستروا هذه (الردّة)  الصريحة ، وأطلب العفو من سيف أبي بكر الصديق ، وأطالبكم بالكتمان كي لا يقطع عنقي "العريف غضبان" ، بطل قصة صديقي المثقف حسن. م يوسف ، وكي لا يعلن صديقي الشاعر نزيه أبو عفش العداء والخصومة بيننا ، بسبب تعثري وسفاهتي ونزاهتي ! 
دمشق 24 آذار 2021

الاثنين، 15 مارس 2021

لبنان بين الإستعصاء السياسي والإنهيار الإقتصادي



 لبنان أزمة مركبة بنيوية، سياسية، اقتصادية واخلاقية، لم يسبق له أن شهدها على مدار تاريخه المعاصر. الانهيار المريع لا ينحصر في تجاوز سعر الدولار عتبة أحد عشر الف ليرة في السوق الموازية، بل يتمثل في استعصاء سياسي مع الفشل في تشكيل الحكومة العتيدة منذ آب/اغسطس الماضي، كذلك فِي تمادي المنظومة المتحكمة بإنتهاك حقوق المواطنين مع الأزمة المعيشية الخانقة واستمرار حجز الودائع، وأيضاً في عدم استكمال وتمييع التحقيق في فاجعة المرفأ من أجل حماية خفية للمرتكبين والمهملين واحتقاراً للضحايا وعدم الإهتمام بتدمير نصف العاصمة وتضييع دور لبنان كنافذة للمشرق على العالم.
وسط هذا الظلام يتم التهويل على اللبنانيين بالعتمة الشاملة من وزير الطاقة مع العلم أن الهدر والإنفاق على الكهرباء هو السبب في أكثر من اربعين بالمئة من المديونية العامة. وفي زمن جائحة كورونا يهجر الأطباء لبنان ومثلهم الكثير من المهندسين والكفاءات. وتطال الازمة بالطبع القوى الأمنية والجيش مع مخاطر انعكاسات ذلك ...
ولا يتردد وزير داخلية تصريف الاعمال بالكلام عن الفوضى والتفلت.
من خلال تسلسل الاحداث في الشهور الماضية، يتضح أن وزير الخارجية الفرنسي جان- ايف لودريان كان على حق عندما حذر في تموز/ يوليو الماضي من " زوال لبنان" على مشارف مئوية تأسيس كيانه ،والتي كانت فرنسا عرابه. وهو لا يقصد التضاريس بل الدولة..
 ومع إفشال المبادرة الفرنسية لبدء الإنقاذ من قبل أطراف داخلية وإقليمية، وصل الامر بلودريان، هذا الأسبوع، لإطلاق صرخة للإنقاذ قبل فوات الاوان معتبرا ان المسؤولين اللبنانيين " مذنبون" بحق وطنهم. لكن هذا التعميم وتجهيل الفاعلين الحقيقيين للتعطيل سيُبقي الجهد الفرنسي معطلاً والأفضل ان يقترن برعاية دولية- عربية تفرض حلًا إنقاذيا مع تحرير لبنان من الإرتهان للعبة المحاور وإعتبار مبادرة البطريرك الراعي إسهاما اساسيا في بلورة دعم دولي لنأي لبنان بنفسه عن صراعات الاخرين والإسراع بإيجاد حلول عاجلة لوقف الإنهيار الإقتصادي وتشكيل حكومة مهمة للإصلاحات الطارئة وإذا تعذر ذلك فلا بد من تدخل دولي ملزم لإيجاد صيغة إنتقالية تحمي بلاد الأرز من النزول الى قعر جهنم...أو تحويرها بإستنساخ جديد- قديم تحت إشراف المجموعه الدوليه يطلق عليه سويسرا الشرق

الجمعة، 12 مارس 2021

عزاء ‏الوالد ‏بعد ‏١٤ ‏سنه

رحم الله والدي و فقيدي وحبيبي و رفيقي الغالي والعزيز إلى قلبي والعزيز إليه تعالى الذي غرس فيَّ عز الكرامة والثقافه وعز العلم والأدب ونمّى لي غريزة اللطف والحزم وصفة الدقه والحس المرهف و موهبة الإنسانيه وحب الخير والإحسان و ود الناس والعطف على المسكين والشهامة مع الصديق
 أسكنه الله فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون

الاثنين، 1 مارس 2021

الغزل والحب في زمن الكورونا د . نزار العاني

يبست الأعشاب في مرج أحلامي ، وأغمد الربيع العبري ( العبري !) خنجره في قلبي الذابل وتكوّم الحب مشلولاً بلا حراك عاطفي تحت نوافذي، وران الصمت وتوقف حوار الغيمة البيضاء الناصعة لزرقة سماء يتيمة .
موشحاتي المموسقة ياكلها النعاس ،والأغنيات يعلوها غبار الوسن ، وألحان حنين ولهفة الشباب للغرام يغتالها غلاء الأسعار ، يا للعار ، والشوق للعناق أرداه صريعاً رصاص المطالبين بالحرية ، وأكاذيب ومسامرات العشاق توارت خجلى وراء شعارات السعي للمجد الفضفاضة .
الزعتر البري ، شقائق النعمان ، إكليل الجبل ، الريحان ، ورعيل من المفردات واللغات والهمسات مسحها جميعاً نداء الرغيف ، وجيل جديد من المفردات : زيت ، ضلع خروف مشوي ، فلافل ، بروستد سياحي ، هريسة ..... والقلب في مخاض الهجانة بين لغة الروح ولغة البطن ، يتكىء على أعمدة الوهم والأمل في عمارة وطن يغفو من الإرهاق والتعب . 
يبس العشب وصار الوجود قاحلاً . انقصفت رقاب الحكمة والمعرفة وتقدمت الغرائز لترسم لنا المستقبل المسوّرٍ بالظن والشبهة . "ميدوزا" في أول الركب تمطرني بشرورها لتصنع مني صنماً حجرياً أخرس  ، ولا "أفروديت" واحدة تهبني حضناً وطلاقة لسان ، وتندس في أحلام يقظتي ومنامي وتتوسدني بأرجوحة مناغاةٍ وثرثرةٍ تزحلقني إلى خدود وردية شهية . ماذا اعترى الكون من ذهولٍ ونسيانٍ لطقوس الحبّ الخرافية ؟ 
ماذا اعترى المرأة اللاهثة وراء هموم إصلاح عيوب شكلها ، متناسية أن ينابيع أناملها تكفي لسقاية عصبة وعصابة من العِطاش لجمال راحة اليد . لعنة الجهل تغزو "عشتار" . معبدها خالٍ من الشموع والدموع . وما بال "فينوس" الوارثة لكنز الحب والجمال ، قد سقطت خامدة بين يدي جراح التجميل ، وهي تستعطي المارة شيئاً من الدولارات لنفخ شفة ، وتكبير صدر ، وتقويس حاجب ، وتظليل جفن ، وكل الذي يهم "نرسيس" أن يسمع تنهيدة حب ، وشهقة نهد مهجور .
"الحب في زمن الكورونا" استبدّ وطغى ، وألقى بستائره الداكنة على رائعة "ماركيز"  " الحب في زمن الكوليرا" ، إذ لم يعد بوسع "فلورينتينو إريثا" في زمن الكوليرا أن يطفئ لهيب عاطفة "فيرمينا داثا " بوردة بيضاء مضمخة بالندى ، ولا لمس ثوبها الرمادي كأرملة ، ولا المرور على جسدها الذي تفوح منه رائحة الصابون المنعشة . وها نحن نتخبط ونعوم في زمن الكورونا داخل بحيرة من القلق والشك والأقاويل ، وقد نسينا تماماً طعم القبل والعناق ، وصرنا نستعيد ما قاله الضابط في رواية "ماركيز" وقد تناثرت جثث الموتى التي تنتفخ تحت الشمس : لو الرب يحسّن من أساليبه .
أي حياة تلك التي طردنا منها "كيوبيد" الصغير وكسرنا قوسه الناعم ، وصادرنا رأس سهمه الذهبي الباعث للحب ، وأبقينا له الرأس الرصاصي الباعث للحقد والكراهية . 
كل ماحولنا بات غارقاً في الزيف والكذب والرياء  ، من باب بيتي إلى "باب الحارة" الشهير ، وهاجر الصدق يبحث عن شمس وقمر ونجوم تتألق في أرواحها المحبة والمودة والصداقة. 
النجوى ، الهمس ، الشوق ، الحنين ، الرهافة ، التوق ،التأمل ، الوجدان ، السرائر ، اللهفة ، الصبوة ، الرغبة ، الوَلَه ، وأكوام من هذه البضاعة الكاسدة التي فتح لها  "ابن حزم الأندلسي" دكاناً أغبرَ داكناً موحشاً ، وأطلق عليه إسماً راسخاً : (طوق الحمامة) . لكن ، وحين اكتسحت "المولات" الأسواق ، لم نعد نجد على الرفوف الناصعة البيضاء المرتبة سوى معلبّات البغضاء والغدر والجفاء والمقت  الأنيقة الفاخرة ، وطارت الحمامة وبقي الطوق .
العالم ليس عقلاً كما قال عبد الله القصيمي ! صرنا في هذا الزمن الموحش فئراناً في متاهة بألف بابٍ وباب . جمهوريات بلا جماهير ، مساجد بلا مصلّين ، حدائق بلا أشجار ، عربات بلا خيول ، موائد بلا طعام ، أقدام بلا أحذية ، مقاهي بلا زبائن ، سينمات بلا متفرجين ، ومسلسلات بلا نكهة ، وجيوب بلا نقود . حوالي خمسون غراماً فقط من فيروس سافل أصاب مائة مليون إنسان بالكورونا وقتل حوالي مليوني مغدور ، ووليمة الفيروس ما تزال عامرة بالمصابين والمغدورين والعشاق المخذولين  .
وداعاً أفروديت وعشتار وفينوس وكيوبيد بلا عودة . وأهلاً بـالإله  " آريس" رب  الحرب والهلاك والخراب ، ومعه "هيدز" وجحيمه المتنقل بين التجار والساسة ، وها أنذا أعلن استسلامي الكامل للإثنين ، وللدرك والجاندرما والمباحث ، وأعلن لكل نساء العالم إنني أنسحب مهزوماً من كل ساحات الغرام !
الأحد 28 شباط 2021 
*الصورتان لكيوبيد وآريس .

الأربعاء، 17 فبراير 2021

محتوى عقل حافظ أسد

منقولة:
لطالما شغلني السؤال عن محتوى عقل حافظ أسد، وما بداخله من أفكار وقيم وقواعد تشكل أسس أفعاله ومنطلقاتها وتبريراتها، والتي رددها كوصايا أوصى بها ولده باسل ومن ثم بشار من بعده، وهو يعدهما لوراثة سورية “كتركة” يتركها لهما كونها، وقد غدت بمثابة “ملك يمين”.

أفكار حافظ أسد وقيمه وقواعد عمله هي بمثابة “نظام التشغيل” بلغة البرمجيات أو “السوفت وير” الذي يحرك الأسد ونظامه. وهو نظام شفوي غير مكتوب وغير معلن. وأنا، مثل جميع السوريين، لم أسمع بنفسي وصايا حافظ أسد التي أوصى بها وريثه، ولم أسمع ممن سمع منه مباشرة أي من هذه الوصايا، ولكن يمكنني من خلال العيش في “سورية الأسد” ومراقبة سياسات النظام وأفعاله على مدى نصف قرن تقريبًا، أمضيت منها 18 عام في السجن بتهمة “وهن عزيمة الأمة”، وأنا ابن الساحل، وأفهم عقلية النظام وآليات عمله جيدًا، يمكنني أن أتصور “ماذا قال حافظ أسد لولديه وبماذا أوصاهم”، فالأفعال تنم عن خبايا الأفكار وعن النوايا وعن الوصايا. وبنتيجة ذلك أتصور أن حافظ أسد قد ردد على مسامع وريثه الوصايا التالية:

– اسمع نصائحي يا ولد، واجعلها حلقة في أذنك، واعمل بها، وإياك أن تحيد عنها، فهي من ثبّت السلطة في يدي لثلاثة عقود، ومكنني من توريثك إياها دون أن يجرؤ أي سوري على إظهار عدم رضاه.
– حافظْ على السلطة وهي بيدك، واقبض عليها بأسنانك، فإنها إن ذهبت منّا فلن تعود إلينا؛ فالقفز إلى السلطة أمرٌ شاق، ولكن الاحتفاظ بها أمرٌ أشقّ ألف مرة، وخاصة بالنسبة إلى رجل منا، فقد استوليتُ أنا عليها وكرّستُ سلطتي المطلقة في غفلةٍ من التاريخ، فحافظ عليها، وعضّ عليها بالنواجذ.
– خذ شريعتك من القوة والغلبة، واجعل قبضتك الأمنية أساس الحكم، تقبض على رقاب الناس، وتتحكم في كل شيء، وتتدخل في مفاصل حياة كل فرد. واعلم أن الجيش هو أداة السلطة الضاربة، فابقِه في يد من يلوذ بك، فكتيبة دبابات واحدة أهمّ من كل أفرع الأمن. الأمن يقبض على الأفراد، ولكن لا يواجه التحركات الواسعة سوى الجيش.
– نحن عائلة صغيرة فقيرة ثانوية، من طائفة صغيرة ثانوية، وقد أتيح لنا أن نقبض على السلطة، فغيّرنا قواعد اللعبة، ولكننا لا نستطيع تغيير الواقع، فاعتمد على أبناء الطائفة، وورّطهم معك في أعمال السلطة، واجعلهم يشعرون بأنهم أصحاب هذا الحكم، وأن يقتنعوا بعمق بأنه إن ذهب منهم فسينالهم ضّرٌ عظيم.
– لا تسمح للطائفة العلوية بأن تصبح طائفة بذاتها، فهذا يجعلها قوية في مواجهة بيت الأسد، وبيت الأسد لم يكن لهم مكانة معتبرة داخلها، بل اجعل أبناءها فرادى، كلٌّ يهتم بذاته، ولا تخلق فُرص عمل لهم في مناطق عيشهم، بل ادفعهم إلى أن يأتوا إلى دمشق؛ فسورية تُحكم من دمشق، ومن مدنها الرئيسة، لا من الريف البعيد، فهذا قِرش أبيض ليوم أسود، ولن يدوم حكمك بغير هذا، واجعل أبناء الطائفة العلوية عماد جهازي الجيش والأمن.
– اجعل قيادات مؤسسات الدولة من أبناء الفئات التي كانت مهمشة في المدينة أو في الريف، لتحكم تلك الفئات التي كانت حاكمة سابقًا، فهؤلاء سيسعدون بهذا الدور القيادي بعد أن كانوا محكومين، فمصلحتهم تكمن في استمرار سلطتك، وسيدافعون عنها وعنك لأنهم يخشون عودة الظروف السابقة ، ويخشون  أن يعودوا الى فقرهم وتهميشهم.
– تذكر أن الناس يوالونك ما دمتَ قويًا وقادرًا على قهرهم، فالناس عبيدُ القوة، فإن أحسّوا بضعفك انقلبوا عليك، وذهبوا إلى من هو أقوى. من يملك القوة يملك الشرعية، والشرعية تؤخذ غصبًا، ولا تغتر بشعارات “إرادة الجماهير”، فالجماهير تساق إلى حيث يراد لها، وتهتف بحياة من يراد له.
– تذكّر درسَ حماة جيدًا، واجعله قاعدة حكمك، ولا تأخذنك رحمة بمن يتمرد على سلطتك، فاضرب بيد من حديد ونار، واستخدم العقاب الجماعي لكل منطقةٍ تؤوي متمردين على سلطتك، واهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها في أي منطقة تتمرد، إذ يجب أن يدفعوا الثمن، ولا تبكِ لموت النساء والأطفال والشيوخ، وأخفِ كلّ شيء ما استطعت، ولا تهتم إن وصل ما تفعله إلى درجة العلن، ولا تتراجع ولا تضعف، ففي الضعف مقتلك.
– اقبض على المنافع والمصالح، وعزز القوة المالية في يدك وفي يد من يلوذ بك، واخلق مجموعات أعمال من بني جلدتك ومن يوالونك، فمن يملك المال يملك السلطة. لقد جنينا المال من خلال قبضنا على السلطة، والآن سنستخدم المال لتعزيز قدرتنا في القبض عليها.
– اخلق مصالح في كل مكان وفي كل منظمة، لتشكل شبكة تتخلل المجتمع وتمكنك من القبض عليه، وأجّج التنافس عليها، بين من يوالونك في قيادات الحزب وفي مؤسسات الدولة وفي المنظمات الجماهيرية. واسعَ لمنع المتنافسين من الاتفاق فيما بينهم، فليس ثمة أخطر من أن يتفقوا، فقد يتفقون يومًا عليك. وهذه المنافسات تفتّتهم.
– اشتر الولاءات، فالناس عبيد مصالحهم، توجّه إلى الفئات المدينية، واخلق مصالح صغيرة لوجهائهم، وتوجه إلى العشائر واخلق مصالح لشيوخهم، وتوجه إلى رجال الدين واخلق لهم مصالح، كي يسبّحوا بحمدك، وتذكر أن من يأكل على طبق السلطان يضرب بسيفه، ولا تصدق أن رجال الدين يعملون بهدي الله أو بهدي ما يؤمنون به، بل يعملون بهدي مصالحهم ومصالح من يتبعونهم.
– تذكر أن معظم الناس يمكن شراؤهم، وأبعد عنك من لا يمكن شراؤه. استخدم من أصحاب الكفاءات من هم بلا شخصية وبلا طموح، وأبعد عنك أصحاب “الضمير الحيّ”، فهؤلاء متعِبون، وابحث عن الانتهازي والفاسد والسافل، واستخدمهم في سلطتك، فهؤلاء يهمهم مصلحتهم، وهم مستعدون لتنفيذ كل ما تطلبه منهم. وإياك أن تسمح لأي منهم بالبروز، مهما كان دوره عظيمًا تحت سلطتك، ومهما كان مخلصًا لك، فلا دور لأحد إلا من خلالك، فأنت البداية والنهاية. وكلّ من ينتهي من خدمتك، عليه أن يختفي ويصمت، فلا يسمع به أحد.
– اجعل الجميع طراطير من حولك، وتمتع بمنظر كبار مسؤولي الدولة وهم يدبكون في الساحات من أجلك، ويشعرون بأن مصيرهم معلق بكلمة منك، دعهم ينظرون دومًا إليك يترقبون ما سيصدر عنك، وإياك والظهور بمظهر من يستجيب لطلبات الآخرين أو حتى طلبات الجماهير العريضة.
– اجعل شخصك عظيمًا مهابًا و “طوطمًا” لا يمسّ، وتشبّه بالأنبياء، وانشر من حولك هالة من القدسية، فلا يقترب أحد منك ولا ينتقدك أو يمسك بكلمة، من دون أن يناله عقاب عظيم. فالقدسية هي من عزز وجود الأديان عبر آلاف السنين.
– الأديان صمدت كل هذه القرون بسبب القدسية. الإله هو تصعيد لشخصية الملك، فتملى صورته جيدًا، إنه مُطلق الإرادة لا رادّ لقضائه، مقتدر جبار، منتقم ممن يكفرون بسلطته، ويسبغ نعمه المحدودة على أتباعه، ويقدّم لهم الوعود البعيدة بفردوس لن ينالوه.. الناس يتذللون للإله، ويحبون هذا التذلل، الأنبياء بشرٌ ادّعُوا النبوة، فصاروا مقدّسين عبر العصور.
– أنت القائد الفرد الأوحد، فإياك أن تسمح ببروز قيادات في المجتمع، يجب أن تبقى وحيدًا، فمن تبرز له قوة سيطمع في تعزيزها، وقد ينافسك يومًا، وتذكر كلمة يزيد بن معاوية إذ قال: “والله، من قال لي اتق الله قطعت رأسه”، وليعلم الجميع أن قدرتك على البطش لا حدود لها، ولكن لا تظهرها إلا حين اللزوم.
– اقبض على العقول والقلوب ما استطعت، وسيطر على التعليم والإعلام كي تسيطر على العقول، وأضفِ على شرعيتك شرعية دستورية، من دستورٍ أنا وضعته على مقاسي، وخذ تصديق الناس بالإكراه الناعم المستند إلى قدرة عظيمة من الإكراه الصلب، وعزز شرعيتك بخرقة بالية هي حزب البعث الذي نحكم باسمه، وادعمها بسيطرة مطلقة على تنظيمات الشبيبة والطلبة والعمال والفلاحين والنساء والطلائع والنقابات المهنية، من مهندسين وأطباء ومحامين وصيادلة ومعلمين.
– إياك وتمكين أي مؤسسة من الاستقلال بقرارها، لا برلمان ولا إدارة محلية ولا وزارة ولا إعلام ولا قضاء، واجعل الجميع يقضون ويفعلون بما ترتضيه أنت وتأمر به أجهزة أمنك.
– تذكر أن لا قيمة للجماهير، كلمة استعملها كالعلكة، مضغ بدون طعام، استعملها كذبًا، وإياك والوقوع في الشعبوية والميل إلى إرضاء الجماهير، فهذا ضعفٌ وفيه مقتلك، وليبدُ أن كلّ شيء يصدر عن إرادتك المطلقة، حتى حين لا تعجب إرادتك البعض، يجب أن يتقبّلها ويسلّم بأن وراءها حكمة عظيمة لا يعرف هو كنهها، وحين لا يسلّم بذلك ويبقى غاضبًا، فليعلم أن انتقامك عظيم، إذا ما أظهرَ أي تذمّر.
– قوتك في ضعف مجتمعك، فالسلطة ميزان بين الحاكم والمجتمع المحكوم، ولكي يبقى الحاكم حاكمًا يجب أن يبقي المحكوم ضعيفًا. لا تمنح المجتمع قدرات على التعبير والتنظيم، وامنع أي رأي آخر من الظهور، وإياك والانبهار بأنظمة الغرب الديمقراطية، وبالكلام الفارغ عن الحريات العامة وحقوق الإنسان، وإياك أن تتيح للشعب أن يقول كلمته بحرية، فحينها لن يقولها لصالحك، وإياك وحرية الأحزاب وحرية الصحافة وحرية التظاهر، فهذا ماردٌ إن انطلق من قمقه أطاح بسلطتك.
– اسعَ لاستمالة الأكثرية السنّية، عبر مكاسب مادية لنخبتها الثقافية ورجال أعمالها ورجال دينها، وتجنب إثارتهم، واسعَ لاستمالتهم ببناء المساجد ومدارس تحفيظ القرآن والعلاقات الحسنة مع الإخوان المسلمين خارج سورية، والعلاقات الحسنة مع الحركات السنية الجهادية، ولكن إياك أن تسمح لهم بإقامة تنظيمات سياسية، ولا تأمن لهم، فالسلطة انتُزعت منهم، ولن ينسوا ذلك.
– إياك والاطمئنان، فمنه يأتي هلاكك، وإياك والاعتقاد بأن الأمن مستتب، وأن الجميع مستكين ومستسلم، وأن لا تنظيمات في المجتمع تعمل ضد الدولة، ولا تظنن أن المجتمع قد مات، فالمجتمعات لا تموت، فمثل هذا التفكير هو مناخ مناسب لنمو مساعي قلب السلطة.
– إياك والغفلة عن المتربصين بالسلطة، فهم كثر، ويستعدون في كل لحظة للانقضاض عليها وعلينا. فإياك والاستكانة، ولا يخدعنك هدوء ماء النهر، ففيه حيتان وأسماك قرش تنتظر غفلتك. وأخطر هؤلاء المتربصين هم قيادات سلطتك ذاتها وأقرب المقربين إليك، فهؤلاء اكثر من يطمع في السلطة كاملة وأن يكون هو مكاني، فاحذرهم أكثر من غيرهم، خاصة وأن تحت إمرتهم قوات ولديهم نفوذ، فإن شعروا بضعفك انقلبوا عليك. لذا اجعل مراكز القوى هذه متفرقة منفردة يرتبط كل منها بك مباشرة، وضع على رأس كل منها أشخاص يُعادي بعضهم بعضًا، واجعل التنفاس بينهما شديدًا كي تأمن اي اتفاق بينها، فاتفاقهم خطر على سلطتك.
– إياك والثقة المطلقة بأي أحد، مهما أظهر لك الولاء، فحين سيتمكن سيُظهر لك النواجذ؛ فالطمع في السلطة لا يموت في النفوس، حتى من أقرب الناس إليك. ولا تأخذنك رحمة بمن ينظر إلى الكرسي، حتى لو كان أخاك أو ولدك. وتذكر كلمة هارون الرشيد إذ قال لولده: “والله، لو نافستني عليها لقتلتك”، وليكن الولاء مطلقًا لك، ومن لا يواليك شخصيًا ومطلقًا ليس له مكان في خدمتك.
– اخلط نظامك بين الرأسمالية والاشتراكية، وأقم علاقاتك مع الغرب والشرق، مع اليمين واليسار، مع العلمانيين والإسلاميين، وإياك أن تظهر أنك مع أي معسكر بالمطلق. اجعل الجميع يعتقدون أنك قريب منهم، وأن بإمكانهم كسبك إلى صفوفهم، ولا تقطع شعرة معاوية مع أحد.
– ضع مقاليد الأمور في كل محافظة في يد الفئات التي كانت مهمشة، لتتحكم في الفئات التي كانت سيّدة من قبل، فهؤلاء الجدد سيظلون يخافون عودة الماضي، فيعلمون بإخلاص لتثبيت حكمك، وأفسح لأبناء الريف القدوم إلى المدينة، وإقامة أحزمة من الفقر تحيط بالمدن الكبرى، ليشعر أبناء المدن الكبرى بأن الخطر يحيط بهم، وأن نظامك هو من يلجم تلك الفئات الوافدة. يجب أن يشعر ساكن حي المالكي بدمشق بأن السلطة تحميه من هجوم محتمل لقاطني حي الـ 86 ليأخذوا منازلهم.
– استخدم الفساد والإفساد على نحو واسع، فالفساد الصغير يجعل الفساد الكبير مقبولًا، تحت مقولة الجميع فاسد. فنحن عبر استخدام السلطة كوّنّا الثروة، فلم يكن لدينا ملكيات لتنتج ثروة، السلطة أنتجت لنا الثروة، والآن على الثروة أن تعزز سلطتنا.
– مارس التقية السياسية، وخذ ممن يعطيك وأعط من يواليك، وتذكر أن لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، ولكن مصالح السلطة دائمة.
– حافظ على علاقة قوية مع السعودية في كل الظروف، ولكن انتظم سرًا مع إيران بقوة، واستخدمها كفزاعة ضد العرب، كي تكون أنت الوسيط بينهما، فهذا يعطيك دورًا. ولكن لا تدع إيران تتحكم بك، ولا تكن ورقةً بيدها، بل لتكن هي ورقةٌ بيدك. ولا تسمح لها بنشر التشيع في سورية، فهذا قنبلة موقوتة.
– الدور الإقليمي يعزز سلطتك، ونحن دولة ضعيفة، لا إمكانات لديها ولا تستطيع القيام بأعمال إيجابية كبيرة لخلق دور كبير لها، لذلك عليك اللجوء دائمًا إلى دور “مخربط الألعاب”، كي يمنحوك دورًا، وفق القاعدة الفقهية “داروا سفهاءكم”. لا تصالح إسرائيل، وهددها بغيرك، ولا تخرج من لبنان، ولا تدع اللبنانيين يتفقون، واجعل الأردن تعيش تحت شعور دائم بالخطر القادم من دمشق، وأقم علاقات وطيدة مع ما يسميه الأميركان “دول الشر”، مثل كوريا الشمالية وكوبا والعراق، وأقم علاقات مع القاعدة ومع القوى الإسلامية المتطرفة، وسرّب معلومات عنهم للأميركان، أقم علاقات مع المعارضات في الدول العربية وفي تركيا، وادعم حزب PKK التركي، ليكون مصدر إزعاج دائم للأتراك، وأقم علاقات مع أكراد العراق، وفي الوقت نفسه أقم علاقات معلنة أو سرية مع حكومات جميع هذه الدول، وهددهم بمعارضاتهم، على نحو مبطن وصريح، وحينئذ سيكون الجميع بحاجة إليك وإلى خدماتك.
– أبقِ على وضع اللاحرب واللا سلم مع إسرائيل، فلا مصلحة لنا في انتهاء هذا الصراع، فهو يمنح سورية دور “دولة المواجهة”، وهو أداة لتجييش الداخل، وحجة لفرض حالة الطوارئ، وللحفاظ على جيش كبير ونظام أمني شامل، وعسكرة المجتمع، ووسيلة لاجتذاب تأييد القوميين واليساريين، وأداة لابتزاز المال من دول النفط. ولكن أزعج إسرائيل بحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، وامتلك قوة ردع صاروخية، فهي كل ما نستطيعه عسكريًا، وهذا كي تحسب إسرائيل لك حسابًا، ولكن إياك والانجرار إلى صدام مباشر معها، فالصدام معها سيُنهي سلطتنا إلى الأبد.
– عادِ أميركا بالإعلام، ولكن إياك والإضرار الفعلي بأي من مصالحها، والعب على الشعور القومي، ولكن لا تقترب من المعسكر الشرقي كما يريد، ولا من روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فدورها أصبح محدودًا، ولكنها مصدر لتسليحنا، وهي تملك فيتو في مجلس الأمن.
– إذا احتل الأميركان العراق، كما يلوح في الأفق، فلا تخفْ، فهي ستقيم دكتاتورية شيعية تأتمر بأمر إيران، وهذا لصالحنا، ولكن ادعم المقاومة السنية في العراق ضد الأميركان، بحدود، فهي تجارة رابحة كي يبقى لك دور، وكي يحسب لك الأميركان حسابًا.
كلمة أخيرة

قد يطالب البعض بالدليل على أن حافظ أسد قد قال ما أوردته أعلاه، لذا أنا أوضح هنا أن الأهم من الدليل، والأهم من أن يكون حافظ أسد قد قال هذه الوصايا بهذا الشكل وبهذه العبارات أم بغيرها، أن هذه الوصايا هي بالضبط القواعد التي بنى عليها حافظ أسد ومن بعده وريثه بشار قواعد حكمهم وسلطتهم، فالأفعال على مدى نصف قرن هي البرهان الأهم الف مرة من الوثيقة، لذا اعتقد جازمًا أن حافظ الأسد قد أوصى وريثه بكل هذا وأكثر منه سواء قالها بهذه الكلمات أم بغيرها، وأنه قد كرر عليه هذه الوصايا مرات ومرات إلى أن وافته المنية، وكانت نصيحته الأخيرة:

يا بشار… حافظ على السلطة بأي ثمن.. بأي ثمن.. بأي ثمن… وظلّ يرددها حتى ذهب إلى منتهاه.

الاثنين، 15 فبراير 2021

‎وداعي ‏الأمل

ذكرتني أختي وانا أناجيها وهي في أوج مصابها قبل وفاتها بما أوصانا به أبي وكأنها أضحت وصيتها
قال لنا
 ياأبنائي إن علاقتنا مع الناس.. . تدوم وتستمر بالتغاضي .. وتزداد إنسجاماً بالتراضي .. لكنها تمرض بالتدقيق .. وتموت وتنتهي بالتحقيق ..
 بالابتسامة نتجاوز الحزن .. وبالصبر نتجاوز الهموم .. وبالصمت نتجاوز الحماقات .. 
وبالكلمة الطيبة نتجاوز الكراهيه .. 
تمـيزوا بما شئـتم لكن لا تتكبروا أبداً .. اكتبوا ما شئتم لكن لا تستفزوا أحداً .. انتقدوا كما شئتم لكن لا تطعنوا أحداً .. 
روعة الإنسان ليست بما يملك بل بما يمنح..

كانت دائما تمنح نصف مايأتيها من غلال إلى كل محتاج من حولها ..
 وتتقاسم ما تهيئه من أطايب المآكل مع كل من يطرق بابها
وتلقى الضيف بوجه ملائكي يفيض بك لطفاً ويغمرك طيبه ..
بعد أن أطفئت أنوار منزلها العامر بالكرم والإحسان
إلا من ضياء وجه سندها وزوجها كرم الله أصله وبريق شمعة ابنتها وهي تذاكر لإمتحانات الثانويه   
جلست في غرفتي وحيدا أتذكر مآثرها فتساءلت مع نفسي كيف أنها تمنح نصف مايأتيها دون أن توفره إلى يوم  قد تحتاج فيه علاجاً أو سراجاً فتبين لي أنها حتماً قد فتحت حساباً عند ربها عُملته الصدقه والإحسان دون أن تولي اهتماماً إلى مال الدنيا في هذا الزمن الأغبر..
كانت تقنعني بمقولة لها تقول ( وما سمي مالاً إلا لأنه ما ....  لك.)..ربما كانت رؤيا من رؤاها تعلمت منها كيف تبقى قريبه من خالقها بالذكر وقراءة القرآن والدعاء فكان ينزل السكينه على قلبها فأراها قريرة العين مطمئنه رغم مااعتراها من أمراض وكأنها واثقه بقدرها القريب

الأحد، 14 فبراير 2021

الشاعر السوري الراحل رحمة الله عليه الاستاذ/ عمر بهاء الدين الأميري


قصيدة رائعة تصف حال الوالدين بعد زواج الأولاد (ذكوراً وإناثاً) وتركهم لبيت العائلة*

**هذه القصيدة قالها الشاعر السوري الراحل رحمة الله عليه الاستاذ/ عمر بهاء الدين الأميري في الحنين إلى أولاده حينما سافروا وتزوجوا وتركوه وحيداً في بيته..*

*وقد قال عباس محمود العقاد عن هذه القصيدة : "لو كان للأدب العالمي ديوان لكانت هذه القصيدة في طليعته "*

أين الضجيجُ العذبُ والشغبُ،، أين التدارسُ شابه اللَّعبُ؟

أين الطفولةُ في توقُّدها،، 
أين الدمى في الأرض والكتب؟

أين التشاكسُ دونما غرضٍ،، أين التشاكي ماله سبب؟

أين التباكي والتضاحكُ في،، 
وقتٍ معا والحزنُ والطرب؟

أين التسابقُ في مجاورتي،، 
شغفا إذا أكلوا وإن شربوا؟ 

يتزاحمون على مجالستي،،
والقربِ مني حيثما انقلبوا..  

يتوجهون بسوْقِ فطرتهم،، 
نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا..  

فنشيدُهم: ( بابا ) إذا فرحوا،، ووعيدُهم: ( بابا ) إذا غضبوا.. 
وهتافهم: ( بابا ) إذا ابتعدوا،، ونجيّهم: ( بابا ) إذا اقتربوا.. 

بالأمسِ كانوا مِلءَ منزلنا،،  
واليوم -ويح اليوم- قد ذهبوا.. 

وكأنّما الصمت الذي هبطت،، 
أثقالُه في الدار إذ  عزبوا.. 

إغفاءةَ المحمومِ  هدأتها،، 
فيها يشيعُ الهمُ والتعبُ..  

ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنُهم،، 
في القلبِ ما شطّوا وما قربوا.. 

إنّي أراهم أينما التفتتْ،، 
نفسي وقد سكنوا وقد وثبوا.. 

وأحسُّ في خلَدي تلاعبَهم،، 
في الدار ليس ينالهم  نصبُ.. 

وبريق أعينهم إذا ظفروا،، 
ودموع حرقتهم  إذا غلبوا.. 

في كلِّ ركنٍ منهم أثرٌ،، 
وبكل زاوية لهم صخبُ.. 

في النافذات زجاجها حطموا،، 
في الحائط  المدهون قد ثقبوا.. 

في الباب قد كسروا مزالجَه،، 
وعليه قد رسموا وقد كتبوا.. 

في الصحن فيه بعضُ ما أكلوا،، 
في علبة الحلوى التي نهبوا.. 

في الشطر من تفاحةٍ قضموا،، 
في فضلةِ الماءِ التي سكبوا.. 

إنّي أراهم حيثما اتجهتْ،، 
عيني كأسرابِ القطا سرَبوا.. 

دمعي الذي  كتمته جَلدا،، 
لما تباكوا عندما ركبوا.. 

حتى إذا ساروا وقد نزعوا،، 
من أضلعي قلبا بهم يجب.. 

ألفيتني كالطفل عاطفةً،، 
فإذا به كالغيثِ ينسكبُ.. 

قد يعجب العذّالُ من رَجلٍ،، 
يبكي، ولو لم أبكِ  فالعجب.. 

هيهات ما كل البكا خَوَرٌ،، 
إني وبي عزمُ الرجالِ أبٌ!!!... 

*أرجو أن يراعي الأولاد المتزوّجون هذا الإحساس، وهذا الشعور لدى الوالدين، وأن يتعاهدوهم بالزيارة وألّا ينسوهم أو ينشغلوا عنهم بمشاغل الحياة،،،*

السبت، 9 يناير 2021

ضحايا الآلات ‏لزياد طراقجي

لا أذهب في السوبر ماركت إلى جهاز الدفع الآلي السريع بل أدفع عن طريق موظف(ة) الكاشيير. وهي عادة ما تسألني كيف حالي اليوم وهل وجدت كل ما أبحث عنه في المحل، ثم تختمها بأن تتمنى لي يوما سعيدا! بالأمس وأنا أدفع للمحاسبة الشابة، قلت لها بما يشبه الاعتذار إن أمثالي لا شك يزعجونكم لأنهم لا يجيدون استخدام الجهاز الآلي. ففاجأتني بقولها إنها، على العكس، سعيدة بي وبأمثالي، لأنه لولانا لفقدت وظيفتها!
هي أوجزت واحدة من أعقد المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المجتمعات الآن... الآلات تأكلنا فعليا، وتلغي جزءا من وجودنا. فهناك الكثير من الوظائف التي سرقتها الكمبيوترات من البشر مثل حجوزات الطيران والفنادق والأعمال الإدارية. وقريبا جدا ستختفي مهنة السائق مثلا حين تصبح السيارات تقود نفسها. ثم جاء فيروس كورونا ليزيد من الطلب على الخدمات المؤتمتة حيث أصبح موظفو القطاع العام وشركات الخدمات يتحاشون رؤية العملاء، ويتم تقديم أغلب الخدمات أونلاين... كما أن المؤسسات أدركت فجأة كمية الوفر الذي يمكن تحقيقه بجعل الموظفين يعملون من منازلهم على الكمبيوترات، الأمر الذي زاد من التباعد بين البشر في عصر "التواصل"! 
 في سياق التباعد، قال الدكتور فيفك مورتي، كبير الجراحين السابق في الإدارة الأمريكية، أي المُفتي الطبي للدولة، قال في مقابلة صحفية "إن أخطر مرض قاتل في عصرنا ليس السرطان وليس أمراض القلب بل العزلة"! فهي تسبب تدهور الحالة النفسية للشخص مما يضعف جهاز المناعة ويترك الجسم عرضة للأمراض القاتلة. 
كثير من العزلة سببه اليوم هذا الهوس بأجهزة الموبايل وشاشات الكمبيوتر. ويعلق أحد علماء الاجتماع على ذلك بالقول إن مصافحة صديق ومعانقة صاحب بعد طول غياب و "الهاي فايف" مع مدرب الرياضة والمحادثة وجها لوجه مع الأحباب هي بالتأكيد أنفع للصحة من كل "لايكات" الأصدقاء الافتراضين على الفيسبوك ومن الحوارات على الكمبيوتر والموبايل. ويُضيف الباحث أنه في السابق كنت أذا أردت معاقبة ابنك المراهق في البيت تقول له " اذهب إلى غرفتك ولا تريني وجهك". أما اليوم، أصبح العقاب أن تطلب من ابنك الخروج من غرفته وترك اللابتوب ليجلس مع باقي أفراد الأسرة في غرفة المعيشة. وبالنسبة للولد، فإن ذلك منتهى القسوة! 
وطبعا الجيل القادم من الروبوتات سيأخذنا إلى عوالم مغايرة تماما ويضعنا بمواجهة تعقيدات سوسيولوجية وأخلاقية ودينية وسيحدث ذلك بسرعة تفوق قدرتنا على التأقلم وعلى سن القوانين التنظيمية المناسبة! ...كيف سيتم التعويض لمن سيتم تسريحهم لكي تحل الآلات محلهم؟ وهل سيجيز رجال الأديان مثلا الزواج من روبوت عاقل مفكر؟ ..... ولا حصر للأسئلة المشابهة. 
القادم مذهل، ونتمنى ألا نكون أقل شعوب العالم استعدادا. وكالعادة سيسهل التنظير ويصعب التطبيق
----------------------------------------------------

الأربعاء، 6 يناير 2021

‎كلمات معبرة عن تجربة حياة العظماء

🌹🌿 🌿🌹

🌹 إذا وضعت أحداً فوق قدره , فتوقع منه أن يضعك دون قدرك (الإمام علي بن ابي طالب) . 
🌹 أعتزل ما يؤذيك (عمر بن الخطاب) . 
🌹 يدعون الناس إلى الجنة وهم عاجزون عن دعوة يتيم على مائدة (إبن سينا) . 
🌹 الأم كالعمر , لا تتكرر مرتين (جبران خليل جبران) .
🌹 إذا تخلى الناس عنك في كرب ، فاعلم أن الله يريد أن يتولى أمرك (الإمام الشافعي) .
🌹 إذا أنشات جيش من مئة أسد بقيادة كلب  ستموت الأسود كالكلاب في أرض المعركة . أما اذا صنعت جيشا من مئة كلب بقيادة أسد , فجميع الكلاب ستحارب كأنها أسود (نابليون) . 
🌹 لكل أمة وثن يعبدونه . وصنم هذه الأمة , الدرهم والدينار (الحسن البصري) . 
🌹 إذا كنت لا تستطيع مواجهة الذئاب ، فلا تدخل الغابة (أليكساندر أدينوف) . 
🌹 الإخلاص فعل خفي , لا رقيب له إلا الضمير (سقراط) . 
🌹 إذا لم تستطع قول الحق ,
فلا تصفق للباطل (محمد متولي الشعراوي) . 
🌹 جبان من يرى الحق ولا يسانده (كونفوشيوس) .
🌹 أهتم لمن يهتم بك . أما الباقي , فرد التحية يكفي (شكسبير)  
🌹 يجب عند الغضب أن نمتنع عن الحديث والفعل (فيثاغورس) . 
🌹 نحن أقوياء نستيقظ كل يوم لنعيش نفس الحياة ، نفس المكان ، مع نفس الأشخاص ، وهذا في حد ذاته كفاح (دوستويفسكي) .
🌹 إذا مات ضمير الإنسان وأنكر الحق فلن ينفعه حفظ القرآن ولا دراسة السنن (محمد الغزالي) .
🌹 هذه الحياة لن تقف لتراعي حزنك . فإما أن تقف أنت وتكملها رغم إنكسارك ,أو أنك ستبقى طريح للأبد (تشي غيفارا) . 
🌹 كرامتك هي الروح الثانية لك . فحافظ عليها حتى لا تموت مرتين (محمد علي كلاي) . 
🌹 إذا خانك الشخص مرة , فهذا ذنبه . أما إذا خانك مرتين , فهذا ذنبك أنت (إلينور روزفلت) . 
🌹من يحرص على إرضاء الجميع , يخسر نفسه (إبراهيم الفقي) . 
🌹 إذا لم أعاتبك , فأنت لا شيء بالنسبة لي (جورج برنارد شو) . 
🌹 ما تراه مني , أنت من أخترت أن تراه (كلينت إيستود) .
🌹 إذا أردت أن تشعر بأنك  غنيا ، فقم بتعداد النعم التي تتمتع بها ولا يمكن شراؤها بالمال (شارلي شابلن) ...